للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٩ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يَعْجَبُ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلَاةِ يَخَافُ مِنِّي فَقَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

رَجُلٍ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ابْنَ نُمَيْرٍ قَدْ قَالَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَلَا أُرَانِي إلَّا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ: قَالَ الْأَعْمَشُ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ.

وَقَالَ هُشَيْمِ عَنْ الْأَعْمَشِ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيّ فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الطُّرُقُ أَنَّ الْأَعْمَشَ سَمِعَهُ عَنْ غَيْرِ أَبِي صَالِحٍ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ. قَالَ الْيَعْمُرِيُّ: وَالْكُلُّ صَحِيحٌ وَالْحَدِيثُ مُتَّصِلٌ.

قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ ضَامِنٌ) الضَّمَانُ فِي اللُّغَةِ الْكَفَالَةُ وَالْحِفْظُ وَالرِّعَايَةُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ ضُمَنَاءُ عَلَى الْإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ ضَمَانُ الدُّعَاءِ أَنْ يَعُمَّ الْقَوْمَ بِهِ وَلَا يَخُصَّ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَتَحَمَّلُ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَسْبُوقِ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَوْمِ صَلَاتَهُمْ وَلَيْسَ مِنْ الضَّمَانِ الْمُوجِبِ لِلْغَرَامَةِ

قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ) قِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: أَمِينٌ عَلَى حُرَمِ النَّاسِ لِأَنَّهُ يُشْرِفُ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْعَالِيَةِ. وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضِيلَةِ الْأَذَانِ وَعَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْأَمِينَ أَرْفَعُ حَالًا مِنْ الضَّمِينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ أَمُّوا وَلَمْ يُؤَذِّنُوا وَكَذَا كِبَارُ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ.

الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ: «إذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْمَقْدِسِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْمَوَاعِظِ مِنْ سُنَنِهِ عَنْ سَلْمَانَ رَفَعَهُ: «إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي أَرْضٍ فِي أَيِّ قَفْرٍ فَتَوَضَّأَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ تَيَمَّمَ ثُمَّ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ ثُمَّ يُقِيمُهَا وَيُصَلِّيهَا إلَّا أَمَّ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ صَفًّا» . وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعْتَمِرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَى نَحْوَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ فَيَكُونُ صَالِحًا لِرَدِّ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ شَرْعِيَّةَ الْأَذَانِ تَخْتَصُّ بِالْجَمَاعَةِ.

وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَذَانَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلذُّنُوبِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>