. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالصَّادِقُ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ إلَى تَثْنِيَتِهِ مُحْتَجِّينَ بِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ التَّثْنِيَةِ. وَبِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الْآتِي فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْهُ وَفِيهِ: " إنَّ الْأَذَانَ مَثْنَى فَقَطْ " وَبِأَنَّ التَّثْنِيَةَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ أَعْرَفُ بِالسُّنَنِ. وَبِحَدِيثِ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ بِتَشْفِيعِ الْأَذَانِ وَإِيتَارِ الْإِقَامَةِ وَسَيَأْتِي. وَالْحَقُّ أَنَّ رِوَايَاتِ التَّرْبِيعِ أَرْجَحُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الزِّيَادَةِ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهَا وَصِحَّةِ مَخْرَجِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ مَثْنَى مَثْنَى، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَالْهَادَوِيَّةَ وَالنَّاصِرِيَّةُ إلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّرْجِيعِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالتَّرْجِيعُ: هُوَ الْعَوْدُ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بَعْدَ قَوْلِهَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِخَفْضِ الصَّوْتِ، ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.
وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّرْجِيعَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ مِنْ السِّرِّ وَالْجَهْرِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ وَالدَّقَائِقِ وَالتَّحْرِيرِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ.
١ -
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَإِلَى أَنَّ التَّرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ ثَابِتٌ لِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ الْآتِي، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ غَيْرِ مُنَافِيَةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهَا، وَهُوَ أَيْضًا مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ حُنَيْنٌ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَيُرَجِّحُهُ أَيْضًا عَمَلُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بِهِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةُ الْمُحَدِّثِينَ. وَغَيْرُهُمْ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ فِعْلِ التَّرْجِيحِ وَتَرْكِهِ.
وَفِيهِ التَّثْوِيبُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ لِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ يَعْنِي قَوْلَ بِلَالٍ «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ " فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ جِدَّا.
وَرَوَى أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ بِلَفْظِ: «لَا تَثْوِيبَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» وَفِيهِ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُلَائِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَعَ انْقِطَاعِهِ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَبِلَالٍ وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَفِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ وَهُوَ نَحْوُ أَبِي إسْمَاعِيلَ فِي الضَّعْفِ وَبَيَانُ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَبِلَالٍ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَوَفَاةُ بِلَالٍ سَنَةَ عِشْرِينَ أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ بِالشَّامِ وَكَانَ مُرَابِطًا بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَوَائِلِ فُتُوحِهَا فَهُوَ شَامِيٌّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى كُوفِيٌّ، فَكَيْفَ يَسْمَعُ مِنْهُ مَعَ حَدَاثَةِ السِّنِّ وَتَبَاعُدِ الدِّيَارِ.
وَقَدْ رُوِيَ إثْبَاتُ التَّثْوِيبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ وَقَالَ: إذَا كُنْتَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ فَقُلْت حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ مُطَوَّلًا مِنْ حَدِيثِهِ وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْحَالِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ. وَذَكَرَهُ