للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ: حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ وَرُشِّيهِ وَصَلِّي فِيهِ» وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: " إنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ ". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «اُقْرُصِيهِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ» وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: «اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ وَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ» .

وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتُ مِحْصَنٍ «أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: حُكِّيهِ بِصَلْعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إسْنَادُهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً، وَالصَّلْعُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ ثُمَّ عَيْنٍ: هُوَ الْحَجَرُ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ: وَقَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الصَّلْعِ بِذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ الصَّغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ فِي مَادَّةِ ضَلَعَ بِالْمُعْجَمَةِ وَفِي الْحَدِيثِ " حُتِّيهِ بِضِلَعٍ ".

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الضِّلَعُ هَهُنَا الْعُودُ الَّذِي فِيهِ الِاعْوِجَاجُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ فِي مَادَّةِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَنْضَحُهُ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَغْسِلُهُ، قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ الرَّشُّ لِأَنَّ غَسْلَ الدَّمِ اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: تَقْرُصُهُ، وَأَمَّا النَّضْحُ فَهُوَ لِمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ الثَّوْبِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي تَنْضَحُهُ يَعُودُ عَلَى الثَّوْبِ بِخِلَافِ حُتِّيهِ فَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى الدَّمِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الضَّمَائِرِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّ الرَّشَّ عَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ طَاهِرًا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا لَمْ يَتَطَهَّرْ بِذَلِكَ،.

فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ.

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَاتِ إنَّمَا تُزَالُ بِالْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ، قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ وَالنَّوَوِيُّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ جَمِيعَ النَّجَاسَاتِ بِمَثَابَةِ الدَّمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إجْمَاعًا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَيْ تَعَيُّنُ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الدَّاعِي مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عَائِشَةَ " مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ قَالَتْ بِرِيقِهَا فَمَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا ". وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا رُبَّمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ تَحْلِيلًا لِأَثَرِهِ ثُمَّ غَسَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَاءَ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ لِوَصْفِهِ بِذَلِكَ كِتَابًا وَسُنَّةً وَصْفًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ، لَكِنَّ الْقَوْلَ بِتَعَيُّنِهِ وَعَدَمِ إجْزَاءِ غَيْرِهِ يَرُدُّهُ حَدِيثُ مَسْحِ النَّعْلِ وَفَرْكِ الْمَنِيِّ وَحَتِّهِ وَإِمَاطَتِهِ بِإِذْخَرَةٍ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ يَقْضِي بِحَصْرِ التَّطْهِيرِ فِي الْمَاءِ وَمُجَرَّدُ الْأَمْرُ بِهِ فِي بَعْضِ النَّجَاسَاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِهِ مُطْلَقًا، وَغَايَتُهُ تَعَيُّنُهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْصُوصِ بِخُصُوصِهِ إنْ سَلِمَ، فَالْإِنْصَافُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُطَهِّرُ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ النَّجَاسَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَى تَطْهِيرِهَا بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ، إنْ كَانَ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُطَهِّرَاتِ، لَكِنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْفَرْدُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَاءُ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>