للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٣٥ - (وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ جَائِزَةٌ، أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: مَعْنَاهُ: لَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مَكْرُوهَةً فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَكُرِهَتْ لِمَنْ لَا يَجِدُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا اهـ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْقَادِرِ وَغَيْرِهِ، وَالسُّؤَالُ إنَّمَا كَانَ عَنْ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ لَا عَنْ الْكَرَاهَةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ هُوَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ أُبَيٌّ: الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَفِي الثِّيَابِ قِلَّةٌ، فَقَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ أُبَيٌّ وَلَمْ يَأْلُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْ لَمْ يُقَصِّرْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

قَوْلُهُ: (جَمَعَ رَجُلٌ) هَذَا مِنْ قَوْلِ عُمَرَ وَأَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ، وَمُرَادُهُ الْأَمْرُ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يَعْنِي لِيَجْمَعَ وَلْيُصَلِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَلَامٌ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ فَحَسَنٌ ثُمَّ فَصَّلَ الْجَمْعَ بِصُوَرٍ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: تَضَمَّنَ هَذَا فَائِدَتَيْنِ. الْأُولَى: وُرُودُ الْمَاضِي بِمَعْنَى الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى وَالْمَعْنَى لِيُصَلِّ وَالثَّانِيَةُ: حَذْفُ حَرْفِ الْعَطْفِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَصَدَّقَ امْرُؤٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ» .

قَوْلُهُ: (فِي سَرَاوِيلَ) قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السَّرَاوِيلُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ التَّذْكِيرَ، وَالْأَشْهَرُ عَدَمُ صَرْفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَبَا) بِالْقَصْرِ وَبِالْمَدِّ. قِيلَ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ قَبَوْت الشَّيْءَ إذَا ضَمَمْت أَصَابِعَك سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْضِمَامِ أَطْرَافِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي تُبَّانٍ) التُّبَّانُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ عَلَى هَيْئَةِ السَّرَاوِيلِ. إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رِجْلَانِ وَهُوَ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدٍ.

قَوْلُهُ: (وَأَحْسَبُهُ) الْقَائِلُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالضَّمِيرُ فِي أَحْسَبُهُ رَاجِعٌ إلَى عُمَرَ، وَمَجْمُوعُ مَا ذَكَرَ عُمَرُ مِنْ الْمَلَابِسِ سِتَّةٌ، ثَلَاثَةٌ لِلْوَسَطِ وَثَلَاثَةٌ لِغَيْرِهِ، فَقَدَّمَ مَلَابِسَ الْوَسَطِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَقَدَّمَ أَسْتَرَهَا وَأَكْثَرَهَا اسْتِعْمَالًا لَهُمْ، وَضَمَّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعُ صُوَرٍ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ بَلْ يَلْحَقُ بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ صَحِيحَةٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ: لَا أَعْلَمُ صِحَّتَهُ، وَتَقَدَّمَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ أَفْضَلُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْمُنْذِرِ: وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ إشْعَارٌ بِالْخِلَافِ.

٥٣٥ - (وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَمِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَمَّنَا جَابِرٌ " الْحَدِيثَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>