(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِلْبُخَارِيِّ «نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ» ، وَاللِّبْسَتَانِ: اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَالصَّمَّاءُ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ فَيَبْدُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَاللِّبْسَةُ الْأُخْرَى احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ)
بَابُ النَّهْيِ عَنْ السَّدْلِ وَالتَّلَثُّمِ فِي الصَّلَاةِ
٥٣٩ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْ السَّدْلِ، وَلِابْنِ مَاجَهْ النَّهْيُ عَنْ تَغْطِيَةِ
ــ
[نيل الأوطار]
لَهُ: الْحَبْوَةُ وَكَانَتْ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ السَّوْأَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ النَّهْيَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَرْجِ شَيْءٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْفَرْجَ إنْ كَانَ مَسْتُورًا فَلَا نَهْيَ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ) هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ أَنْ يُجَلِّلَ جَسَدَهُ بِالثَّوْبِ لَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا، وَلَا يُبْقِي مَا تَخْرُجُ مِنْهُ يَدُهُ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَتْ صَمَّاءَ؛ لِأَنَّهُ يَسُدُّ الْمَنَافِذَ كُلَّهَا فَيَصِيرُ كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خَرْقٌ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: هُوَ أَنْ يَلْتَحِفَ بِالثَّوْبِ ثُمَّ يَرْفَعَهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَيَصِيرَ فَرْجُهُ بَادِيًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: فَعَلَى تَفْسِيرِ أَهْلِ اللُّغَةِ يَكُونُ مَكْرُوهًا لِئَلَّا تَعْرِضَ لَهُ حَاجَةٌ فَيَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ يَدِهِ فَيَلْحَقَهُ الضَّرَرُ، وَعَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ يَحْرُمُ لِأَجْلِ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ، وَقَالَ الْحَافِظُ: ظَاهِرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ فِي اللِّبَاسِ أَنَّ التَّفْسِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهَا مَرْفُوعٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ، وَلَفْظُهُ سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْ الرَّاوِي لَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِمَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ فِيهَا زِيَادَةً وَهُوَ قَوْلُهُ: " إذَا مَا صَلَّى " وَهِيَ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِتَقْيِيدِ النَّهْيِ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ مُحَرَّمٌ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، وَالنَّهْيُ عَنْ الِاحْتِبَاءِ وَالِاشْتِمَالِ لِكَوْنِهِمَا مَظِنَّةَ الِانْكِشَافِ فَلَا يَخْتَصُّ بِتِلْكَ الْحَالَةِ.
قَوْلُهُ: (لِبْسَتَيْنِ) هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ لَا الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ اللُّبْسِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ هَاتَيْنِ اللِّبْسَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلنَّهْيِ، وَصَرْفُهُ إلَى الْكَرَاهَةِ مُفْتَقِرٌ إلَى دَلِيلٍ.
٥٣٨ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِلْبُخَارِيِّ «نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْنِ» ، وَاللِّبْسَتَانِ: اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَالصَّمَّاءُ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ فَيَبْدُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَاللِّبْسَةُ الْأُخْرَى احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) .
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ الَّذِي قَبْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute