بَابُ نَضْحِ بَوْلِ الْغُلَامِ إذَا لَمْ يُطْعَمْ
٣٠ - (عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ «أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)
٣١ - (وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «بَوْلُ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ يُنْضَحُ وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ» قَالَ قَتَادَةَ: وَهَذَا مَا لَمْ يُطْعَمَا فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا
ــ
[نيل الأوطار]
عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ كُلُّهَا، هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَوَرَدَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَحَادِيثُ مِنْهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْن مَسْعُودٍ. وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيث ابْن عَبَّاسٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مَعْلُولٌ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى أَنَّ النَّعْلَ يَطْهُرُ بِدَلْكِهِ فِي الْأَرْضِ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ إلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ لَا رَطْبًا وَلَا يَابِسًا. وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ يَابِسًا لَا رَطْبًا. وَقَدْ احْتَجَّ لِلْآخَرِينَ فِي الْبَحْرِ بِحُجَّةٍ وَاهِيَةٍ جِدًّا، فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ: قُلْنَا: مُحْتَمِلَانِ لِلرَّطْبَةِ وَالْجَافَّةِ فَتَعَيَّنَ الْمُوَافِقُ لِلْقِيَاسِ وَهِيَ الْجَافَّةُ، وَالثَّانِي: لَا يَسْلَمُ كَالثَّوْبِ. قَالَ صَاحِبُ الْمَنَارِ: حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلْغَاءُ الْحَدِيثِ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْوَاعِ النَّجَاسَاتِ بَلْ كُلُّ مَا عَلِقَ بِالنَّعْلِ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَذَى فَطَهُورُهُ مَسْحُهُ بِالتُّرَابِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: الْأَذَى فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمُسْتَقْذَرُ طَاهِرًا كَانَ أَوْ نَجِسًا انْتَهَى. وَيَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ مَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حَيْثُ قَالَ: " فَإِنْ رَأَى خَبَثًا فَإِنَّهُ لِكُلِّ مُسْتَخْبَثٍ " وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّعْلِ وَالْخُفِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَدِيثَيْ الْبَابِ، يُلْحَقُ بِهِمَا كُلُّ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا لِعَدَمِ الْفَارِقِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute