٦٠٠ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلَفْظُهُ: لَا يُصَلِّي فِي لُحُفِ نِسَائِهِ)
ــ
[نيل الأوطار]
إلَّا الْأَخْضَرُ.
وَفِي الصَّحِيحِ " فِي مِرْطِ شَعْرٍ أَسْوَدَ ". وَالْمِرْطُ يَكُونُ إزَارًا وَيَكُونُ رِدَاءٌ، قَالَهُ ابْنُ رَسْلَانَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وُقُوفَ الْمَرْأَةِ بِجَنْبِ الْمُصَلِّي لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهَا تُبْطِلُ، وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ أَنَّ ثِيَابَ الْحَائِضِ طَاهِرَةٌ إلَّا مَوْضِعًا يُرَى فِيهِ أَثَرُ الدَّمِ أَوْ النَّجَاسَةِ.
وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الْحَائِضِ، وَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَى الْمُصَلِّي وَبَعْضُهُ عَلَيْهَا.
٦٠٠ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلَفْظُهُ: لَا يُصَلِّي فِي لُحُفِ نِسَائِهِ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ: قَالَ حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ أَبِي صَدَقَةَ قَالَ: سَأَلْت مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ عَنْهُ فَلَمْ يُحَدِّثْنِي، وَقَالَ: سَمِعْته مُنْذُ زَمَانٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ سَمِعْته مِنْ ثَبْتٍ أَمْ لَا فَاسْأَلُوا عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ مَنْ حَفِظَ عَنْهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ أَوْ فِي حَالِ تَغَيُّرِ فِكْرِهِ مِنْ أَمْرٍ طَرَأَ لَهُ مِنْ غَضَبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِي مِثْلِ هَذَا الْعَالِمِ لَا يُسْأَلُ، وَقَوْلُهُ فَاسْأَلُوا عَنْهُ غَيْرِي لَا يَقْدَحُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ بِسُؤَالِ غَيْرِهِ لِتَقْوِيَةِ الْحُجَّةِ.
قَوْلُهُ: (فِي شُعُرِنَا) بِضَمِّ الشِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ شِعَارٍ عَلَى وَزْنِ كُتُبٍ وَكِتَابٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدِ، وَخَصَّتْهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى أَنْ تَنَالَهَا النَّجَاسَةُ مِنْ الدِّثَارِ، وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الشِّعَارِ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْمُرَادُ بِالشِّعَارِ هُنَا الْإِزَارُ الَّذِي كَانُوا يَتَغَطَّوْنَ بِهِ عِنْدَ النَّوْمِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد " فِي شُعُرِنَا أَوْ فِي لُحُفِنَا " شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَاللِّحَافُ اسْمٌ لِمَا يُلْتَحَفُ بِهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَجَنُّبِ ثِيَابِ النِّسَاءِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الثِّيَابِ الَّتِي تَكُونُ كَذَلِكَ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الِاحْتِيَاطَ وَالْأَخْذُ بِالْيَقِينِ جَائِزٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ، وَأَنَّ تَرْكَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إلَى الْمَعْلُومِ جَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ نَوْعِ الْوَسْوَاسِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ أَهْلَهُ مَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى، وَأَنَّهُ قَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ هَلْ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهْلَهُ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَرَى فِيهِ شَيْئًا فَيَغْسِلهُ. وَذَكَرْنَا هُنَالِكَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالْمَئِنَّةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْمَظِنَّةِ، وَهَكَذَا حَدِيثُ صَلَاتِهِ فِي الْكِسَاءِ الَّذِي لِنِسَائِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ قَبْلَ هَذَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ تَجَنُّبِ ثِيَابِ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ، وَبِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute