٦٠٤ - (وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد)
ــ
[نيل الأوطار]
أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِمَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ انْتَهَى.
وَأَقُولُ: بَلْ الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ التُّرَابِ بِدَلِيلِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ بِلَفْظِ: " وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا " وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةَ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ إنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى كَوْنِ الْأَرْضِ مَسْجِدًا لَا يَنْفِي كَوْنَ غَيْرِهَا مَسْجِدًا بَعْدَ تَسْلِيمِ عَدَمِ صِدْقِ مُسَمَّى الْأَرْضِ عَلَى الْبُسُطِ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْبُسُطِ وَنَحْوِهَا سُجُودٌ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يُقَالُ لِلرَّاكِبِ عَلَى السَّرْجِ الْمَوْضُوعِ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ رَاكِبٌ عَلَى الْفَرَسِ، وَقَدْ صَحَّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى الْبُسُطِ " وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ.
فَائِدَةٌ: حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي ذُكِرَ بِلَفْظِ الْبُسُطِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ بِلَفْظِ الْحَصِيرِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي التِّرْمِذِيَّ بَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْبُسُطِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَعَقَدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَابًا، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي سُنَنِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِسَاطِ الْحَصِيرُ بِلَفْظِ: " فَيُصَلِّي أَحْيَانًا عَلَى بِسَاطٍ لَنَا " وَهُوَ حَصِيرٌ نَنْضَحُهُ بِالْمَاءِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَتَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَ أَنَسٍ بِالْبِسَاطِ: الْحَصِيرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صَادِقٌ عَلَى الْحَصِيرِ لِكَوْنِهِ يُبْسَطُ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ يُفْرَشُ انْتَهَى. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَلَحَتْ لِتَقْيِيدِ حَدِيثِ أَنَسٍ لَمْ تَصْلُحْ لِتَقْيِيدِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
٦٠٤ - (وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ أَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو عَوْنٍ ثِقَةٌ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ. وَأَمَّا أَبُوهُ فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ أَبِي عَوْنٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِيهِ مَجْهُولٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَقَالَ: يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُغِيرَةِ انْتَهَى. وَلَكِنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحَصِيرِ ثَابِتَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ. وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَسَيَأْتِي. وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ. وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ) الْفَرْوَةُ هِيَ الَّتِي تُلْبَسُ وَجَمْعُهَا فِرَاءٌ كَبَهْمَةٍ وَبِهَامٍ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ وَمَا خُلِقَ مِنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى الْحَصِيرِ. وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ عَنْ عَائِشَةَ بِسَنَدٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، «أَنَّهَا سُئِلَتْ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute