٦٤٢ - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ «أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ الْحَدِيثَ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَحُسْنِ لَوْنٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَذْكُرُهُ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَقَدْ مَدَحَ فِيهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
إلَى قَوْلِهِ فِي صِفَةِ رِيقِهَا:
كَأَنَّهُ مَنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ قَدْ رَوَيْنَاهَا مِنْ طُرُقٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ وَذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْقَصِيدَةِ عَنْ كَعْبٍ وَإِنْشَادِهَا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهَا مَدْحُ الْخَمْرِ وَإِنَّمَا مَدْحُ رِيقِهَا وَتَشْبِيهُهُ بِالرَّاحِ، قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَرْفَعْ بِهِ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يُشَوِّشُ بِذَلِكَ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ قَارِئٍ أَوْ مُنْتَظِرِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ كُرِهَ، وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.
وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا فِي بَابِ حَمْلِ الْمُحْدِثِ. أَمَّا التَّحَلُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَالتَّحْلِيقُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ إذَا عَمَّ الْمَسْجِدَ وَغَلَبَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَبْلِ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ بَعْدَهَا لِلْعِلْمِ وَالذِّكْرِ. وَالتَّقْيِيدُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَهَبَ وَاحِدٌ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ» الْحَدِيثَ
وَأَمَّا التَّحَلُّقُ فِي الْمَسْجِدِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَغَيْرُ جَائِزٍ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ حِلَقًا حِلَقًا أَمَانِيُّهُمْ الدُّنْيَا فَلَا تُجَالِسُوهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ» ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ بِزَيْغِ أَبُو الْخَلِيلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْحَلَقِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَاللَّامُ مَفْتُوحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَحُكِيَ فَتْحُهَا أَيْضًا كَذَا فِي الْفَتْحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute