للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٤٥ - (وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

٦٤٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ عَزَبٌ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَأَحْمَدَ وَلَفْظُهُ: «كُنَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَنَقِيلُ فِيهِ وَنَحْنُ شَبَابٌ» ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ: «قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ» .

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْلُهُ: (وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى) قَالَ الْخَطَّابِيِّ: فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ يُحْمَلُ النَّهْيُ حَيْثُ يَخْشَى أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ، وَالْجَوَازُ حَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: الثَّانِي أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، وَجَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّهْيَ عَنْ وَضْعِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى الثَّابِتَ فِي مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد عَامٌّ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوَازُ لِغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَازِرِيُّ قَالَ: لَكِنْ لَمَّا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا صَارَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي قَوْلِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَصَائِصَ، لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ عَلَى مَا تَقْتَضِيه الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: لَكِنْ مَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. . . إلَخْ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّهْيِ إلَيْهِمَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ وَعَلَى غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْفَارِقِ.

قَوْلُهُ: (عَزَبٌ) قَالَ الْحَافِظُ: الْمَشْهُورُ فِيهَا فَتْحُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرُ الزَّايِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أَعْزَبُ " وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ مَعَ أَنَّ الْقَزَّازَ أَنْكَرَهَا. وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَا زَوْجَةَ لَهُ. وَقَوْلُهُ " لَا أَهْلَ لَهُ " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ " عَزَبٌ " وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَقَارِبُ وَنَحْوُهُمْ. وَقَوْلُهُ " فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ " يَنَامُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>