. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
كَبِيرًا ثَلَاثًا أَعُوذُ بِاَللَّهِ» إلَى آخِرِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقُولُونَ: هُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ يَعْنِي الرِّفَاعِيَّ عَنْ الْحَسَنِ، الْوَهْمُ مِنْ جَعْفَرٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَشْهَرُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ أَخَذَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَأَمَّا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالُوا.: إنَّمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك» هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَكَلَّمُ فِي عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ. وَعَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ ابْنُ نِجَادِ بْنِ رِفَاعَةَ الْبَصْرِيُّ وَرَوَى عَنْهُ وَكِيعٌ، وَوَثَّقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَعَفَّانُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَالِحٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ سِتَّمِائَةِ رَكْعَةٍ وَكَانَ يُشَبِّهُ عَيْنَاهُ بِعَيْنَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رَجُلًا عَابِدًا مَا أَرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ عِشْرُونَ حَدِيثًا، قِيلَ لَهُ: أَكَانَ ثِقَةً؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَدِمَ عَلَيْنَا شُعْبَةُ فَقَالَ اذْهَبُوا بِنَا إلَى سَيِّدِنَا وَابْنِ سَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ) قَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ تَفْسِيرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ فَقَالَ: نَفْثُهُ الشِّعْرُ وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ وَهَمْزُهُ الْمَوْتَةُ بِسُكُونِ الْوَاوِ بِدُونِ هَمْزٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْجُنُونُ وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهَذَا أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ الشِّعْرُ مِنْ نَفْثَةِ الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَدْعُو الشُّعَرَاءَ الْمَدَّاحِينَ الْهَجَّائِينَ الْمُعَظِّمِينَ الْمُحَقِّرِينَ إلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَهُمْ الشُّعَرَاءُ الَّذِينَ يَخْتَلِقُونَ كَلَامًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَالنَّفْثُ فِي اللُّغَةِ: قَذْفُ الرِّيقِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ التَّفْلِ
وَالنَّفْخُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا: نَفْخُ الرِّيحِ فِي الشَّيْءِ وَإِنَّمَا فُسِّرَ بِالْكِبْرِ لِأَنَّ الْمُتَكَبِّرَ يَتَعَاظَمُ لَا سِيَّمَا إذَا مُدِحَ، وَالْهَمْزُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا: الْعَصْرُ يُقَالُ هَمَزْت الشَّيْءَ فِي كَفِّي: أَيْ عَصَرْته. وَهَمَزَ الْإِنْسَانُ: اغْتَابَهُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِافْتِتَاحِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِيهِ وَفِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ رَدٌّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الِافْتِتَاحِ بِشَيْءٍ، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِبَعْدِ التَّكْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ رَدٌّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَنْ قَالَ: إنَّ الِافْتِتَاحَ قَبْلَ التَّكْبِيرِ، وَفِيهِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَان مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ ذَهَبَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَى أَنَّ مَحِلَّهُ قَبْلَ التَّوَجُّهِ وَمَذْهَبُهُمَا أَنَّ التَّوَجُّهَ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ عَرَفْت التَّصْرِيجَ بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ الْمُتَقَدِّمُ فَقَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا. مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهَمْزِهِ وَنَفْخِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute