. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
جَمَاعَةٍ أَنَّهَا لَا تُذْكَرُ سِرًّا وَلَا جَهْرًا، وَأَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنْهُمْ الْقَائِلُونَ إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ
وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَكَمِ أَنَّ الْجَهْرَ وَالْإِسْرَارَ بِهَا سَوَاءٌ فَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ فِي الْجَهْرِ بِهَا وَإِثْبَاتُ قِرَاءَتِهَا وَنَفْيُهَا.
١ -
وَقَدْ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ أَوْ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، أَوْ لَيْسَتْ بِآيَةٍ، فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَطَائِفَةٌ إلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ غَيْرَ بَرَاءَةٌ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَكَّةَ وَأَكْثَرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّهْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَحَكَاهُ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ. وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: هِيَ آيَةٌ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ غَيْرَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ السُّوَرِ بَلْ هِيَ قُرْآنٌ مُسْتَقِلٌّ كَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَحُكِيَ هَذَا عَنْ دَاوُد وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ مَنْ أَثْبَتَهَا وَلَا مَنْ نَفَاهَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَفَى حَرْفًا مَجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ أَثْبَتِ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا آيَةٌ فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ وَلَا خِلَافَ فِي إثْبَاتِهَا خَطًّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فِي الْمُصْحَفِ إلَّا فِي أَوَّلِ سُورَةِ التَّوْبَةِ. وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إذَا ابْتَدَأَ بِهَا الْقَارِئُ مَا خَلَا سُورَةَ التَّوْبَةِ. وَأَمَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مَعَ الْوَصْلِ بِسُورَةٍ قَبْلَهَا فَأَثْبَتَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وقالون وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ مِنْ الْقُرَّاءِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا أَوَّلَ سُورَةِ التَّوْبَةِ وَحَذَفَهَا مِنْهُمْ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَوَرْشٌ وَابْنُ عَامِرٍ. وَقَدْ احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْإِسْرَارِ بِهَا بِحَدِيثِ الْبَابِ وَحَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ الْآتِي وَغَيْرِهِمَا مِمَّا ذَكَرْنَا.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْجَهْرِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ بِأَحَادِيثَ
مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الْآتِيَانِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ الْبَزَّارُ: إسْمَاعِيلُ لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَقَدْ وَثَّقَ إسْمَاعِيلُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبْ حَدِيثُهُ وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ اسْمُهُ هُرْمُزَ وَقِيلَ هَرِمٌ، قَالَ الْحَافِظُ: مَجْهُولٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَا أَعْرِفُ مَنْ هُوَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ ضَعَّفَ أَبُو دَاوُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute