للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مَشْرُوعِيَّتِهِ لِلْإِمَامِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ يُوقِعُ التَّأْمِينَ عِنْدَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يُوقِعُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ

وَجَمَعَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَوْلُهُ: " إذَا أَمَّنَ " أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَقَعَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُخَالِفُهُ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظِ: «إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ آمِينَ وَالْإِمَامُ يَقُولُ آمِينَ» قَالَ: أَخْرَجَهَا النَّسَائِيّ وَابْنُ السَّرَّاجِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: «إذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» أَيْ إذَا لَمْ يَقُلْ: آمِينَ وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَنْ قَرُبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالثَّانِي لِمَنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ لِأَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ أَخْفَضُ مِنْ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ تَخْيِيرُ الْمَأْمُومِ فِي قَوْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِدُونِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ يَعْنِي الْجُمْهُورَ. قَوْلُهُ: (فَأَمِّنُوا) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَأْخِيرِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ، لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَارَنَةُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ

قَوْلُهُ: (تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ فَقِيلَ هُمْ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ» . وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَهُ الْحَاضِرُونَ مِنْ الْحَفَظَةِ قَالَهُ مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَهْلِ السَّمَاءِ. وَالْمُرَادُ بِالْمُوَافَقَةِ الْمُوَافَقَةُ فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ فَيُؤَمِّنُ مَعَ تَأْمِينِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ. قَالَ ابْنُ الْمُنَيَّرِ: الْحِكْمَةُ فِي إثْبَاتِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقَظَةٍ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَظِيفَةِ فِي مَحِلِّهَا، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مَعْنَاهُ وَافَقَهُمْ فِي الصِّفَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمُرَادُ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارُهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ. قَوْلُهُ: (آمِينَ) هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ. وَحَكَى أَبُو نَصْرٍ عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ الْإِمَالَةَ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخَرُ شَاذَّةٌ، الْقَصْرُ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهِدًا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ، وَطَعَنَ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ. وَحَكَى عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَهُ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً. وَالثَّانِيَةُ التَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ. وَالثَّالِثَةُ التَّشْدِيدُ مَعَ الْقَصْرِ وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ. وَآمِينَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ وَيُفْتَحُ فِي الْوَصْلِ لِأَنَّهُمَا مِثْلُ كَيْفَ وَمَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ جَمِيعُهُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَقِيلَ إنَّهُ اسْمُ اللَّهِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ عَنْ الْوَاحِدِيِّ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّأْمِينِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِلنَّدْبِ وَحَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وُجُوبَهُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ. وَأَوْجَبَتْهُ الظَّاهِرِيَّةُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُصَلِّي. وَالظَّاهِرُ مِنْ الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ عَلَى الْمَأْمُومِ فَقَطْ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ مُقَيَّدًا بِأَنْ يُؤَمِّنَ الْإِمَامُ. وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فَمَنْدُوبٌ فَقَطْ

وَحَكَى الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>