٧٠٨ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ: لَقَدْ شَكُوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَمُدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ مِنْ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَا آلُو مَا اقْتَدَيْت بِهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: صَدَقْت ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ أَوْ ظَنِّي بِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
٧٠٩ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً. وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، أَوْ قَالَ نِصْفَ ذَلِكَ وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ)
ــ
[نيل الأوطار]
سُورَةٍ» وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إثْبَاتِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقَالَ: لَا. لَا. فَقِيلَ لَهُ: فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ خَمْسًا: هَذِهِ أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى فَكَانَ عَبْدًا مَأْمُورًا بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، الْحَدِيثُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَهْمٌ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ أَثْبَتَ الْقِرَاءَةَ فِي السِّرِّيَّةِ أَبُو قَتَادَةَ وَخَبَّابٌ بْنُ الْأَرَتِّ وَغَيْرُهُمَا وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ
وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَمْ لَا.
وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى عَدَمِ الدِّرَايَةِ لَا عَلَى قَرَائِنَ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ فِي السِّرِّيَّةِ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْإِسْرَارَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ وَعَلَى مَنْ أَوْجَبَ فِي الْجَهْرِ سُجُودَ السَّهْوِ. وَقَوْلُهُ: أَحْيَانًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: " وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى " اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّطْوِيلُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ بِتَرْتِيلِهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَقْرُوءِ فِي الْأُولَيَيْنِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَحَبَّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ، فَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ سَعْدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي وَكَذَلِكَ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ «أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ إنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا كَانُوا ثَلَاثِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَجَعَلَ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ تَطْوِيلَ الْأُولَى الْمَذْكُورَ فِي الْأَحَادِيثِ بِسَبَبِ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ
وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى إنْ كَانَ مُنْتَظِرًا لِأَحَدٍ وَإِلَّا سَوَّى بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ، وَجَمَعَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ التَّرْتِيلِ فِي قِرَاءَتِهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَقْرُوءِ فِي الْأُولَيَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّطْوِيلِ فِي الْأُولَى بِصَلَاةِ الظُّهْرِ، بَلْ ذَلِكَ هُوَ السُّنَّةُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي التَّطْوِيلِ الْمَذْكُورِ هِيَ انْتِظَارُ الدَّاخِلِ. وَكَذَا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا تُعَلَّلُ بِهَا لِخَفَائِهَا وَعَدَمِ انْضِبَاطِهَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى قِرَاءَةِ سُورَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ، وَعَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ بِبَعْضِ الْآيَاتِ فِي السِّرِّيَّةِ
٧٠٨ - (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ: لَقَدْ شَكُوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute