٧١٢ - (وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
ــ
[نيل الأوطار]
كَمَا اسْتَقَرَّ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْمَصَاحِفُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ التَّوْقِيفُ فَتَأْوِيلُ قِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّوْقِيفِ وَالتَّرْتِيبِ
قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ وَلِمَنْ يَتْلُو فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، قَالَ: وَقَدْ أَبَاحَ بَعْضُهُمْ وَتَأَوَّلَ نَهْيَ السَّلَفِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَنْكُوسًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إلَى أَوَّلِهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ تَرْتِيبَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ بِتَوْقِيفٍ مِنْ اللَّهِ عَلَى مَا بُنِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ وَهَكَذَا نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (فَقَرَأَهَا مُتَرَسِّلًا إذَا مَرَّ بِآيَةٍ) . . . إلَخْ فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّرَسُّلِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْمُرُورِ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ وَالسُّؤَالِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَةٍ فِيهَا سُؤَالٌ وَالتَّعَوُّذِ عِنْدَ تِلَاوَةِ آيَةٍ فِيهَا تَعَوُّذٌ، وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكُلِّ قَارِئٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْرِيرِ هَذَا الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ، وَكَذَلِكَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي السُّجُودِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِلِاسْتِحْبَابِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا) فِيهِ رَدٌّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ عَنْ الرُّكُوعِ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَجَوَازِ الِائْتِمَامِ فِي النَّافِلَةِ
٧١٢ - (وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ صَرَّحُوا بِصَلَاحِيَّةِ مَا سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد لِلِاحْتِجَاجِ، وَلَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَطْعَنٌ، بَلْ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إذَا زُلْزِلَتْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ سُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَجَوَازُ قِرَاءَةِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ فِي الصُّبْحِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَدِيثُ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» وَلَكِنْ فِيمَا لَيْسَ طَرِيقُهُ الْبَلَاغُ، قَالُوا وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَذَكَّرَهُ
وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ الْفَوْرُ أَمْ يَصِحُّ عَلَى التَّرَاخِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute