٧١٦ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ)
ــ
[نيل الأوطار]
بِمَعْنَى مِنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ قَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا، فَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ بِلَفْظِ: سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: ٣٥] الْآيَاتِ إلَى قَوْلِهِ {الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور: ٣٧] كَادَ قَلْبِي يَطِيرُ. وَقَدْ ادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ عَلَى تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمِ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: ٧] قَالَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ هُوَ هَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةً. وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي قَوْلَهُ خَاصَّةً وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمُ يُبْطِلُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقْرَأُ {وَالطُّورِ} [الطور: ١] {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: ٢] وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَعْدٍ وَزَادَ فِي أُخْرَى فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ الْمَسْجِدِ
وَأَيْضًا لَوْ كَانَ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ تِلْكَ الْآيَةِ كَمَا زَعَمَ لَمَا كَانَ لِإِنْكَارِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى مَرْوَانَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مَعْنًى لِأَنَّ الْآيَةَ أَقْصَرُ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لَهُ: إنَّكَ تُخَفِّفُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ «رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأ فِيهِمَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا» أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَدْ ادَّعَى أَبُو دَاوُد نَسْخَ التَّطْوِيلِ. وَيَكْفِي فِي إبْطَالِ هَذِهِ الدَّعْوَى حَدِيثُ أُمِّ الْفَضْلِ الْآتِي. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ مَالِكٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ أَسْتَحِبُّهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ وَلَا اسْتِحْبَابَ
٧١٦ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ) . قَوْلُهُ: (أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ) هِيَ وَالِدَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ الرَّاوِي عَنْهَا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ: عَنْ أُمِّهِ أُمِّ الْفَضْلِ وَاسْمُهَا لُبَابَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ وَيُقَالُ إنَّهَا أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيجَةَ. قَوْلُهُ: (سَمِعْتُهُ) أَيْ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ الْتِفَاتٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ السِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ سَمِعَتْنِي. قَوْلُهُ: (لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي) أَيْ شَيْئًا نَسِيتُهُ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ) . . . إلَخْ فِي رِوَايَةٍ ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الظُّهْرُ
وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّ عَائِشَةَ حَكَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ لِقَرِينَةِ قَوْلِهَا بِأَصْحَابِهِ وَاَلَّتِي حَكَتْهَا أُمُّ الْفَضْلِ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute