. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الثَّلَاثَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ شَاذَّةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ السَّبْعَةِ أَوْ عَمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَدَنِيُّ وَالْمَكِّيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْ أَحَدِهِمْ خِلَافُهُ
قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُغْتَرَّ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ تُعْزَى إلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الصِّحَّةِ وَأَنَّهَا أُنْزِلَتْ هَكَذَا إلَّا إذَا دَخَلَتْ فِي هَذِهِ الضَّابِطَةِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَرِدُ مُصَنِّفٌ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنَقْلِهَا عَنْهُمْ، بَلْ إنْ نُقِلَتْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقُرَّاءِ فَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الصِّحَّةِ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى اسْتِجْمَاعِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لَا عَلَى مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ إلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ الْجَزَرِيُّ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْإِتْقَانِ. وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُقْرِئِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّ السَّبْعَ كُلَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ أَيْ كُلُّ حَرْفٍ مِمَّا يُرْوَى عَنْهُمْ، قَالُوا: وَالْقَطْعُ بِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَلَكِنْ فِيمَا أَجْمَعَتْ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُمْ الطُّرُقُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْفِرَقُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ التَّوَاتُرُ فِي بَعْضِهَا اهـ
إذَا تَقَرَّرَ لَك إجْمَاعُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى عَدَمِ تَوَاتُرِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا إذَا وَافَقَ وَجْهًا عَرَبِيًّا، وَصَحَّ إسْنَادُهُ وَوَافَقَ الرَّسْمَ وَلَوْ احْتِمَالًا بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ تَبَيَّنَ لَكَ صِحَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ خَالَفَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ النُّوَيْرِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الطَّيِّبَةِ فَقَالَ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْجَزَرِيُّ فِيهَا:
فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِي ... وَكَانَ لِلرَّسْمِ احْتِمَالًا يَحْوِي
وَصَحَّ إسْنَادًا هُوَ الْقُرْآنْ ... فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَرْكَانْ
وَكُلُّ مَا خَالَفَ وَجْهًا أُثْبِتَ ... شُذُوذُهُ لَوْ أَنَّهُ فِي السَّبْعَةِ
مَا لَفْظُهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُكْتَفَى فِي ثُبُوتِهِ مَعَ الشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِصِحَّةِ السَّنَدِ فَقَطْ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّوَاتُرِ، وَهَذَا قَوْلٌ حَادِثٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُفَسِّرِينَ ا. هـ
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ مِثْلِ الْإِمَامِ الْجَزَرِيُّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ لَا يُعَارِضُهُ نَقْلُ النُّوَيْرِيُّ لِمَا يُخَالِفُهُ، لِأَنَّا إنْ رَجَعْنَا إلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ أَوْ الْخِبْرَةِ بِالْفَنِّ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ قَطَعْنَا بِأَنَّ نَقْلَ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ أَرْجَحُ وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ كَثِيرٌ عَنْ أَكَابِرِ الْأَئِمَّةِ حَتَّى أَنَّ الشَّيْخَ زَكَرِيَّا بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ لَمْ يَحْكِ فِي غَايَةِ الْأُصُولِ إلَى شَرْحِ لُبِّ الْأُصُولِ الْخِلَافَ لِمَا حَكَاهُ الْجَزَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحَدٍ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ
٧٢٣ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُبِيٍّ إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: ١] » وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ، قَالَ نَعَمْ فَبَكَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .