. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
بَعْضٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ إلَّا فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَمِنْ الْأَعْصَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ فِي زَمَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَرَى التَّكْبِيرَ إلَّا لِلْإِحْرَامِ انْتَهَى
وَقَدْ حَكَى مَشْرُوعِيَّةَ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ، قَالَ: وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَقَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُشْرَعُ إلَّا تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ فَقَطْ، يُحْكَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَنَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ جَمَاعَةٍ أَيْضًا مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَابْنُ سِيرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ: قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إلَّا فِي الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَبِّرَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرْضِ وَأَمَّا التَّطَوُّعِ فَلَا
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ كَذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ» .
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ " إذَا خَفَضَ وَرَفَعَ ".
وَفِي رِوَايَةٍ «فَكَانَ لَا يُكَبِّرُ إذَا خَفَضَ» يَعْنِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا عِنْدِي بَاطِلٌ، وَهَذَا لَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ أَحَادِيثِ الْبَابِ لِكَثْرَتِهَا وَصِحَّتِهَا وَكَوْنِهَا مُثْبِتَةٌ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الزِّيَادَةِ. وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، أَقَلُّ أَحْوَالِهَا الدَّلَالَةُ عَلَى سُنِّيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ عُثْمَانُ حِينَ كَبِرَ وَضَعُفَ صَوْتُهُ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَ الْجَهْرَ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ مُعَاوِيَةُ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَهُ زِيَادٌ
وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ غَيْرُ مُتَنَافِيَةٍ لِأَنَّ زِيَادًا تَرَكَهُ بِتَرْكِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ تَرَكَهُ بِتَرْكِ عُثْمَانَ، وَقَدْ حَمَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْإِخْفَاءِ، وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا يَتْرُكُونَ التَّكْبِيرَ فِي الْخَفْضِ دُونَ الرَّفْعِ، وَمَا هَذِهِ بِأَوَّلِ سُنَّةٍ تَرَكُوهَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: إنَّهُ يَجِبُ كُلُّهُ. وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِيَّةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَعَلَّمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute