وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا) .
بَابُ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ لِيُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ وَتَبْلِيغِ الْغَيْرِ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ
٧٢٨ - (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَبُو سَعِيدٍ فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ لِأَحْمَدَ بِلَفْظٍ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ قَالَ: وَهُوَ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْإِقَامَةُ تَسْوِيَتُهَا وَالِاعْتِدَالُ فِيهَا وَتَتْمِيمُهَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَالتَّرَاصُّ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ) فِيهِ الْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ أَوْ إيجَابٍ؟ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا) فِيهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَا مَعَهُ بَلْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْمُنَاقَشَةَ فِي هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْصَاتِهِ
قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَرَأَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] فَقُولُوا: آمِينَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مُتَّفِقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ: (يُجِبْكُمْ اللَّهُ) أَيْ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ وَهَذَا حَثٌّ عَظِيمٌ عَلَى التَّأْمِينِ فَيَتَأَكَّدُ الِاهْتِمَامُ بِهِ
قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، إلَى قَوْلِهِ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ) مَعْنَاهُ: اجْعَلُوا تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ، وَكَذَلِكَ رَفْعَكُمْ مِنْ الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ. وَمَعْنَى " تِلْكَ بِتِلْكَ ". أَيْ اللَّحْظَةُ الَّتِي سَبَقَكُمْ الْإِمَامُ بِهَا فِي تَقَدُّمِهِ إلَى الرُّكُوعِ تَنْجَبِرُ لَكُمْ بِتَأْخِيرِكُمْ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَحْظَةٌ فَتِلْكَ اللَّحْظَةُ بِتِلْكَ اللَّحْظَةِ وَصَارَ قَدْرُ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ. وَكَذَلِكَ فِي السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا. . . إلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ مِنْ الْإِمَامِ بِالتَّسْمِيعِ لِيَسْمَعُوهُ فَيَقُولُونَ.
وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَزِيدُ الْمَأْمُومُ عَلَى قَوْلِهِ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَلَا يَقُولُ مَعَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ.
وَفِيهِ خِلَافٌ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي بَابِ مَا يَقُولُ فِي رَفْعِهِ. وَمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَسْمَعْ لَكُمْ: يَسْتَجِبْ لَكُمْ
قَوْلُهُ: (رَبّنَا لَك الْحَمْدُ) هَكَذَا هُوَ بِلَا وَاوٍ وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَبِحَذْفِهَا وَالْكُلُّ جَائِزٌ، وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إثْبَاتَ الْوَاوِ أَرْجَحُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مَقْبُولَةٌ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ) الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ أَلْفَاظِهِ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَبْوَابِ التَّشَهُّدِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: " فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ " عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ وَلَا يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا الِاسْتِدْلَال بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ قَالَ: " فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ " وَلَمْ يَقُلْ: فَلْيَكُنْ أَوَّلُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَكْبِيرِ النَّقْلِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ أَمْرٌ لِلْمُؤْتَمِّ فَقَطْ، قَدْ دَفَعَهُ الْجُمْهُورُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ تَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ