للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَتَقُولُ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . قَالَ. الْعِرَاقِيُّ: بَقِيَ عَلَيْهِ مِمَّا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَلْفَاظٌ أُخَرُ وَهِيَ خَمْسَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» انْتَهَى وَهَذِهِ الزِّيَادَاتُ الَّتِي ذَكَرهَا الْعِرَاقِيُّ ثَابِتَةٌ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرْنَاهَا. وَقَدْ وَرَدَتْ زِيَادَاتٌ غَيْرَ هَذِهِ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَكِنْ فِيهَا مَقَالٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ قُولُوا) اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْد التَّشَهُّدِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمَوَّازِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالنَّاصِرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَآخَرُونَ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ: إنَّهُ أَجْمَعَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ إلَّا الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ طَوَّلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَا الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مِنْ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ لِمَا عَرَفْت مِنْ نِسْبَةِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ إلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَهْلِ الْبَيْتِ وَالْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ الْأَمْرِ بِهَا وَبِمَا فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ لِأَنَّ غَايَتَهَا الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِإِيقَاعِ فَرْدٍ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحُوهُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ «كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا» ؟ وَفِي رِوَايَةٍ " كَيْف نُصَلِّي عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا؟ " وَغَايَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَتَعَيَّنَ بِهَا مَحِلُّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُعَيِّنُ مَحِلَّ النِّزَاعِ وَهُوَ إيقَاعُهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ

وَيُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ الْأَوَامِرَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَحَادِيثِ تُعَيِّنُ كَيْفِيَّتَهُ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إذَا أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا فَكَيْفَ أُعْطِيَكَ إيَّاهُ، أَسِرًّا أَمْ جَهَرًا؟ فَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِيهِ سِرًّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>