للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مَالِكٌ: إنَّهَا تَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّهَا تَجِبُ كُلَّمَا ذُكِرَ وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَقَدْ كَثُرَ الِاسْتِدْلَال عَلَى الْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمُتَفَقِّهَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَجِبَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ إنْ أَرَادَ لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ عَيْنًا فَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَجِبَ فِي الصَّلَاةِ عَيْنًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ فَلَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُعَيَّنَيْنِ: أَعْنِي خَارِجَ الصَّلَاةِ وَدَاخِلَ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَرَادَ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْمُطْلَقِ فَمَمْنُوعٌ اهـ.

وَمِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّتِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «صَعَد النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِنْبَرَ فَقَالَ: آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، فَلَمَّا نَزَلَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ» الْحَدِيثُ وَفِيهِ: «وَرَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ هُوَ الْغَنَوِيُّ كَذَّبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمًا إلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ حِينَ ارْتَقَى دَرَجَةً: آمِينَ ثُمَّ رَقِيَ أُخْرَى فَقَالَ: آمِينَ» الْحَدِيثُ، وَفِيهِ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ عِنْدَ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَة: بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك. فَقُلْت: " آمِينَ "، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ: «شَقِيٌّ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» يُفِيدُ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَ الذِّكْرِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ دَاخِلِ الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَالْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ خَارِجِهَا، فَمَا هُوَ جَوَابُهُمْ عَنْ الْوُجُوبِ خَارِجِهَا فَهُوَ جَوَابُنَا عَنْ الْوُجُوبِ دَاخِلِهَا عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ عِنْدَهُ مُشْعِرٌ بِوُقُوعِ الذِّكْرِ مِنْ غَيْرِ مَنْ أُضِيفَ إلَيْهِ، وَالذِّكْرُ الْوَاقِعُ حَالَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ غَيْرِ الذَّاكِرِ، وَإِلْحَاقُ ذِكْرِ الشَّخْصِ بِذِكْرِ غَيْرِهِ يَمْنَعُ مِنْهُ وُجُودَ الْفَارِقِ وَهُوَ مَا يُشْعِرُ بِهِ السُّكُوتُ عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْغَفْلَةِ وَفَرْطِ الْقَسْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَى ذِكْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الشَّخْصِ نَفْسِهِ، فَكَفَى بِهِ عُنْوَانًا عَلَى الِالْتِفَاتِ وَالرِّقَّةِ

وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ «أَنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» . وَمِنْ أَنْهَضَ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ مُقَيَّدًا بِالْمَحِلِّ الْمَخْصُوصِ: أَعْنِي بَعْدَ التَّشَهُّدِ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ» الْحَدِيثُ لَوْلَا أَنَّ فِي إسْنَادِهِ رَجُلًا مَجْهُولًا وَهُوَ هَذَا الْحَارِثِيُّ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي مِنْ الْأَدِلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَطْلُوبِ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ فَتَرْكُ تَعْلِيمِ الْمُسِيءِ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ» قَرِينَةٌ صَالِحَةٌ لِحَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَبَعْدَ تَعْلِيمِهِ التَّشَهُّدَ: «إذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ قَضَيْت هَذَا فَقَدْ قَضَيْت صَلَاتَكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>