. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
«أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِجَالٌ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ فَقَالَ: لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَقَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ
قَوْلُهُ: (أَخَذْتُمْ إهَابَهَا) الْإِهَابُ كَكِتَابٍ: الْجِلْدُ أَوْ مَا لَمْ يُدْبَغْ، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: إنَّمَا يُسَمَّى إهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ، فَإِذَا دُبِغَ لَا يُقَالُ لَهُ: إهَابٌ، إنَّمَا يُسَمَّى شَنًّا وَقِرْبَةً، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا بَعْدُ.
وَفِي الصِّحَاحِ: (وَالْإِهَابُ) : الْجِلْدُ مَا لَمْ يُدْبَغْ. وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى الْإِهَابِ تَأْتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ. قَوْلُهُ: (إنَّ دَاجِنًا) الدَّاجِنُ: الْمُقِيمُ بِالْمَكَانِ وَمِنْهُ الشَّاةُ إذَا أَلِفَتْ الْبَيْتَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ ذَكَاتُهُ) أَرَادَ أَنَّ الدِّبَاغَ فِي التَّطْهِيرِ بِمَنْزِلَةِ الذَّكَاةِ فِي إحْلَالِ الشَّاةِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْجَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ بِلَفْظِ: «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ» قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قَالَ أَحْمَدُ: الْجَوْنُ لَا أَعْرِفُهُ، وَبِهَذَا أَعَلَّهُ الْأَثْرَمُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ عَرَّفَهُ غَيْرُهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ - يَعْنِيَ الْجَوْنَ - ذَلِكَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَصَحَّحَ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَتَعَقَّبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُفَوَّزٍ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنِ شَاهِينِ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي وَعْلَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ «دِبَاغُ كُلِّ إهَابٍ طَهُورُهُ» وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ أَبِي وَعْلَةَ بِلَفْظِ (دِبَاغُهُ طَهُورُهُ) وَرَوَاهُ الدُّولَابِيُّ فِي الْكُنَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «ذَكَاةُ كُلِّ مَسْكٍ دِبَاغُهُ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ - «أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا فَإِنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طَهُورُهُ» وَفِي إسْنَادِهِ يَاقُوتُ بْنُ عَطَاءٍ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ سِقَاءٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ مَيْتَةٌ فَقَالَ: دِبَاغُهُ يُزِيلُ خَبَثَهُ أَوْ نَجَسَهُ أَوْ رِجْسَهُ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ «دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طَهُورُهَا» وَعَنْ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ فِي الْكُنَى وَفِي تَارِيخِ نَيْسَابُورَ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَهُ أَيْضًا. وَعِنْدَ ابْنِ شَاهِينِ وَعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ، وَأَيْضًا عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ مَنْدَهْ. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَهُ أَيْضًا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَهُ أَيْضًا.
الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ أَدِيمِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ نَصَّ فِي الشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ أَوْ نَوْعُهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَظَاهِرٌ فِيمَا عَدَاهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا بَعْدَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا مَيْتَةٌ "، يَعُمُّ كُلَّ مَيْتَةٍ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ هَذَا الْحُكْمِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَيْتَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute