٨١٣ - (وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ قَالَ: فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا قَالَ: وَنَهَضَ النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَهَضْت مَعَهُمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَشَبُّ الرِّجَالِ وَأَجْلَدُهُ قَالَ: فَمَا زِلْت أَزْحَمُ النَّاسَ حَتَّى وَصَلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَوَضَعْتهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي قَالَ: فَمَا وَجَدْت شَيْئًا أَطْيَبَ وَلَا أَبْرَدَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ ثَارَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَمَسَحْت بِهَا وَجْهِي فَوَجَدْتهَا أَبْرَدَ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبَ رِيحًا مِنْ الْمِسْكِ» )
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّلَاةِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَذَكَرَهُ فِي الْجَنَائِزِ مُطَوَّلًا، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ لِلْمُؤْتَمِّينَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ كَانَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَفْظَةَ كَانَ لَا يَلْزَمُهَا الدَّوَامُ وَلَا التَّكْرَارُ وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ مَاضٍ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ مَرَّةً انْتَهَى.
قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِقْبَالِ الْمُؤْتَمِّينَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّلَاحِيَّةِ لِلتَّعْلِيمِ وَالْمَوْعِظَةِ. وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ أَنْ يَعْرِفَ الدَّاخِلُ انْقِضَاءَ الصَّلَاةِ إذْ لَوْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ عَلَى حَالِهِ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدِ مَثَلًا وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: اسْتِدْبَارُ الْإِمَامِ الْمَأْمُومِينَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الْإِمَامَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ الصَّلَاةُ زَالَ السَّبَبُ وَاسْتِقْبَالُهُمْ حِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْخُيَلَاءَ وَالتَّرَفُّعَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقْبِلُ عَلَى مَنْ فِي جِهَةِ الْمَيْمَنَةِ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّهُ كَانَ تَارَةً يَسْتَقْبِلُ جَمِيعَ الْمُؤْتَمِّينَ، وَتَارَةً يَسْتَقْبِلُ أَهْلَ الْمَيْمَنَةِ، وَيُجْعَلُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ مُفَسِّرًا لِحَدِيثِ سَمُرَةَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " أَقْبَلَ عَلَيْنَا " أَيْ عَلَى بَعْضِنَا، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَيْمَنَةِ فَقَالَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَنْ يُصَلِّي فِي جِهَةِ الْيَمِينِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «صَلَّى لَنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ» الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " انْصَرَفَ " أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ مَكَانِهِ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ
وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ يَسْتَقْبِلُ الْإِمَامُ النَّاسَ إذَا سَلَّمَ. وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَلَمَّا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ»
٨١٣ - (وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ قَالَ: فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا قَالَ: وَنَهَضَ النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَهَضْت مَعَهُمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَشَبُّ الرِّجَالِ وَأَجْلَدُهُ قَالَ: فَمَا زِلْت أَزْحَمُ النَّاسَ حَتَّى وَصَلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَوَضَعْتهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي قَالَ: فَمَا وَجَدْت شَيْئًا أَطْيَبَ وَلَا أَبْرَدَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ ثَارَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْت بِيَدِهِ فَمَسَحْت بِهَا وَجْهِي فَوَجَدْتهَا أَبْرَدَ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبَ رِيحًا مِنْ الْمِسْكِ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute