للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَخَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَرَوَى أَحْمَدُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ عَلِيٍّ، وَقِيلَ: عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ عَلِيٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ أَبُوهُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَحْنُحَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ يَحْيَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ كَذَا فِي الْبَحْرِ.

وَرُوِيَ عَنْ النَّاصِرِ، وَقَالَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ: إذَا كَانَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَمْ تَفْسُدْ بِهِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ التَّنَحْنُحَ مُفْسِدٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لُغَةً مَا تَرَكَّبَ مِنْ حَرْفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا. وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَرْفَ مَا اعْتَمَدَ عَلَى مَخْرَجِهِ الْمُعَيَّنِ، وَلَيْسَ فِي التَّنَحْنُحِ اعْتِمَادٌ. وَقَدْ أَجَابَ الْمَهْدِيُّ عَنْ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّهُ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ، ثُمَّ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ أَرْجَحُ لِلْحَظْرِ، وَقَدْ عَرَّفْنَاك أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ، وَالِاتِّكَالُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ التَّرَجِّي مِنْ دُونِ عِلْمٍ وَلَا ظَنٍّ، لَوْ جَازَ التَّعْوِيلُ عَلَى مِثْلِهَا لَرَدَّ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا تَرْجِيحُ دَلِيلِ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فَمَعَ كَوْنِهِ مِنْ تَرْجِيحِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْعَامَّ غَيْرُ صَادِقٍ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ.

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «ثُمَّ نَفَخَ فِي آخِرِ سُجُودِهِ فَقَالَ: أُفْ، أُفْ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ؟ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ؟ فَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ انْمَحَصَتْ الشَّمْسُ» وَفِي إسْنَادِهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا، وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

قَوْلُهُ: (نَفَخَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ) النَّفْخُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: إخْرَاجُ الرِّيحِ مِنْ الْفَمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: أُفْ، أُفْ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ إنَّ النَّفْخَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاة بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ، وَالنَّفْخُ كَلَامٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

وَأُجِيبُ بِمَنْعِ كَوْنِ النَّفْخِ مِنْ الْكَلَامِ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ مُتَرَكِّبٌ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُعْتَمِدَةِ عَلَى الْمَخَارِجِ وَلَا اعْتِمَادَ فِي النَّفْخِ. وَأَيْضًا الْكَلَامُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ الْمُكَالَمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ سَلِمَ صَدَقَ اسْمُ الْكَلَامِ عَلَى النَّفْحِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَكَانَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ فِي الصَّلَاة مُخَصِّصًا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْكَلَامِ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>