. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثٌ طَوِيلٌ هَذَا طَرَفٌ مِنْهُ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: «إذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ» .
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هُوَ مُخْتَلَفٌ فِي إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ فَقِيلَ: سَبَّحَ، وَقِيلَ: تَنَحْنَحَ، وَمَدَارُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيٍّ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: " تَنَحْنَحَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ دُونَ زِيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِدُونِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ.
وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو هَارُونَ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ كَذَّبَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَالْجُوزَجَانِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنِّسَاءِ فِي التَّصْفِيقِ وَلِلرِّجَالِ فِي التَّسْبِيحِ»
قَوْلُهُ: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ نَزَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَوَادِثِ وَالْمُهِمَّاتِ وَأَرَادَ إعْلَامَ غَيْرِهِ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ وَإِنْذَارِهِ لِأَعْمَى وَتَنْبِيهِهِ لِسَاهٍ أَوْ غَافِلٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ) هُوَ بِالْقَافِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: " فَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ " قَالَ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ قَالَ عُقْبَةُ: وَالتَّصْفِيحُ: التَّصْفِيقُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّصْفِيحَ وَالتَّصْفِيقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: وَهُوَ الضَّرْبُ بِإِحْدَى صَفْحَتَيْ الْكَفِّ عَلَى الْأُخْرَى. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ نَفْيِ الْخِلَافِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ فِيهِ قَوْلَانِ آخَرَانِ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْمَعْنَى: أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّصْفِيحَ: الضَّرْبُ بِظَهْرِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَالتَّصْفِيقُ: الضَّرْبُ بِبَاطِنِ إحْدَاهُمَا عَلَى بَاطِنِ الْأُخْرَى، حَكَاهُ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَصَاحِبُ الْمُفْهِمِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّصْفِيحَ: الضَّرْبُ بِأُصْبُعَيْنِ لِلْإِنْذَارِ وَالتَّنْبِيهِ وَبِالْقَافِ بِالْجَمِيعِ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ أَنَّ التَّصْفِيحَ: الضَّرْبُ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى بَاطِنِ الْكَفِّ الْيُسْرَى.
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّسْبِيحِ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ إذَا نَابَ أَمْرٌ مِنْ الْأُمُورِ وَهِيَ تَرُدُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ التَّسْبِيحُ دُونَ التَّصْفِيقِ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ فَسَادِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ إذَا صَفَّقَتْ فِي صَلَاتِهَا
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ التَّسْبِيحِ وَالتَّصْفِيقِ هَلْ الْوُجُوبُ أَوْ النَّدْبُ أَوْ الْإِبَاحَةُ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، مِنْهُمْ الْخَطَّابِيِّ وَتَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَالرَّافِعِيُّ، وَحَكَاهُ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.