للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ كَرَاهَةِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ

٨٤٢ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

٨٤٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّلَفُّتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْعَبْدِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد)

ــ

[نيل الأوطار]

تُفْهِمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ لَهَا» يَعْنِي الصَّلَاةَ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَيُجَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ رَدِّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُصَلِّي لَا فِي الرَّدِّ مِنْهُ

وَلَوْ سَلِمَ شُمُولُهُ لِلْإِشَارَةِ لَكَانَ غَايَتُهُ الْمَنْعَ مِنْ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُصَلِّي بِاللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلرَّدِّ، وَلَوْ سَلِمَ شُمُولُهُ لِلرَّدِّ لَكَانَ الْوَاجِبُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى الرَّدِّ بِاللَّفْظِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّهُ وَهْمٌ اهـ وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو غَطَفَانَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُد: هُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ قَالَ: وَآخِرُ الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: قُلْتُ: وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ أَبُو غَطَفَانَ الْمُرِّيِّ، قِيلَ اسْمُهُ سَعِيدٌ اهـ

وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الْإِشَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْإِشَارَةِ لِغَيْرِ رَدِّ السَّلَامِ وَالْحَاجَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ

١ -

. (فَائِدَةٌ) وَرَدَ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِشَارَةِ لِرَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: " أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ " وَحَدِيثُ بِلَالٍ كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ مَرَّةً بِأُصْبُعِهِ وَمَرَّةً بِجَمِيعِ يَدِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْأُصْبُعَ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد " أَنَّهُ «سَأَلَ بِلَالًا كَيْفَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ فَقَالَ: يَقُولُ: هَكَذَا، وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى فَوْقُ» فَفِيهِ الْإِشَارَةُ بِجَمِيعِ الْكَفِّ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ " فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ " وَفِي رِوَايَةٍ " فَقَالَ: بِرَأْسِهِ " يَعْنِي الرَّدَّ

وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرَّوِيَّاتِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً فَيَكُونُ جَمِيعُ ذَلِكَ جَائِزًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>