بَابُ دَفْعِ الْمَارِّ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ وَالرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ
٨٧٩ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ) .
٨٨٠ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
٨٧٧ - (وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ، وَلَا شَجَرَةٍ إلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْسَرِ أَوْ الْأَيْمَنِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا» ) .
٨٧٨ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ.» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِي إسْنَادِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَلِيدُ بْنُ كَامِلٍ الْبَجَلِيُّ الشَّامِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِيهِ مَقَالٌ، وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا قَوْلُهُ: (إلَى عُودٍ) هُوَ وَاحِدُ الْعِيدَانِ قَوْلُهُ: (وَلَا عَمُودٍ) هُوَ وَاحِدُ الْعَمَدِ قَوْلُهُ: (الْأَيْسَرِ أَوْ الْأَيْمَنِ) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَلَعَلَّ الْأَيْمَنَ أَوْلَى وَلِهَذَا بَدَأَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ، يَعْنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَعَكَسَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ، وَلَعَلَّهَا رِوَايَةُ أَحْمَدَ، وَيَكْفِي فِي دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ حَدِيثُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَصْمُدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ وَالصَّمْدُ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، يُقَالُ: أَصْمُدُ صَمْدَ فُلَانٍ أَيْ أَقْصِدُ قَصْدَهُ: أَيْ لَا يَجْعَلُهُ قَصْدَهُ الَّذِي يُصَلِّي إلَيْهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَ السُّتْرَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَكُونُ قَرِينَةً لِصَرْفِ الْأَوَامِرِ إلَى النَّدْبِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِنَا، وَتِلْكَ الْأَوَامِرُ السَّابِقَةُ خَاصَّةٌ بِالْأُمَّةِ فَلَا يَصْلُحُ هَذَا الْفِعْلُ أَنْ يَكُونَ قَرِينَةً لِصَرْفِهَا
(فَائِدَة) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّحَارِي وَالْعُمْرَانِ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ اتِّخَاذِهِ السُّتْرَةَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَضَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ مُصَلَّاهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ شَاةٍ» ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ فِي مُصَلَّاهُ فِي مَسْجِدِهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْعَهْدِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ صَلَاتِهِ فِي الْكَعْبَةِ الْمُتَقَدِّمُ، فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ مَشْرُوعِيَّةِ السُّتْرَةِ بِالْفَضَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute