للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨١ - (وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَالتَّسَتُّرِ عَنْهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَنَحْوِهَا

قَالَ: وَهَلْ الْمُقَاتَلَةُ لِخَلَلٍ يَقَعُ فِي صَلَاةِ الْمُصَلِّي مِنْ الْمُرُورِ أَوْ لِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْ الْمَارِّ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ إقْبَالَ الْمُصَلِّي عَلَى صَلَاتِهِ أَوْلَى مِنْ اشْتِغَالِهِ بِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْ غَيْرِهِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي يَقْطَعُ نِصْفَ صَلَاتِهِ

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ: " لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَا يَنْقُصُ مِنْ صَلَاتِهِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا صَلَّى إلَّا إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ ". قَالَ: فَهَذَانِ الْأَثَرَانِ مُقْتَضَاهُمَا أَنَّ الدَّفْعَ لِخَلَلٍ يَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الْمُصَلِّي وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَارِّ وَهُمَا وَإِنْ كَانَا مَوْقُوفَيْنِ لَفْظًا فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُمَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ اهـ

قَوْلُهُ: (مَاذَا عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " مِنْ الْإِثْمِ " تَفَرَّدَ بِهَا الْكُشْمِيهَنِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ أَرَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا. قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ ذُكِرَتْ فِي أَصْلِ الْبُخَارِيِّ حَاشِيَةٌ فَظَنَّهَا الْكُشْمِيهَنِيُّ أَصْلًا. وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ عَلَى مَنْ أَثْبَتَهَا

قَوْلُهُ: (لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ) يَعْنِي لَوْ عَلِمَ الْمَارُّ مِقْدَارَ الْإِثْمِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَاخْتَارَ أَنْ يَقِفَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ ذَلِكَ الْإِثْمُ فَجَوَابُ لَوْ: قَوْلُهُ " لَكَانَ أَنْ يَقِفَ ". وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: جَوَابُ لَوْ لَيْسَ هُوَ الْمَذْكُورُ، بَلْ التَّقْدِيرُ: أَوْ يَعْلَمُ مَا عَلَيْهِ لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ، وَلَوْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ مَا قَالَهُ مُتَعَيَّنًا

قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ) ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ لِتَخْصِيصِ الْأَرْبَعِينَ بِالذِّكْرِ حِكْمَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا - كَوْنُ الْأَرْبَعَةِ أَصْلُ جَمِيعِ الْأَعْدَادِ، فَلَمَّا أُرِيدَ التَّكْثِيرُ ضُرِبَتْ فِي عَشَرَةٍ.

ثَانِيهِمَا - كَوْنُ كَمَالِ أَطْوَارِ الْإِنْسَانِ بِأَرْبَعِينَ كَالنُّطْفَةِ وَالْمُضْغَةِ وَالْعَلَقَةِ، وَكَذَا بُلُوغُ الْأَشُدِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَكَانَ أَنْ يَقِفَ مِائَةَ عَامٍ خَيْرًا لَهُ مِنْ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَاهَا» ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَرْبَعِينَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِ الْأَمْرِ لَا لِخُصُوصِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ.

وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ " لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ". قَوْلُهُ: (خَيْرًا لَهُ) رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَهِيَ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرَهَا

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>