٨٩٤ - (وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً سِوَى الْمَكْتُوبَةِ، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ
ــ
[نيل الأوطار]
هُنَا، قَوْلُهُ: (رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) فِي الْحَدِيث الْآخَرِ " أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ ".
قَالَ الدَّاوُدِيُّ: وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَرْبَعًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصَفَ مَا رَأَى قَالَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْسَى ابْنُ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَالَيْنِ، فَكَانَ تَارَةً يُصَلِّي ثِنْتَيْنِ وَتَارَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا
وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَفِي بَيْتِهِ يُصَلِّي أَرْبَعًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَرَأَى ابْنُ عُمَرَ مَا فِي الْمَسْجِدِ دُونَ مَا فِي بَيْتِهِ، وَاطَّلَعَتْ عَائِشَةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ. وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَخْرُجُ» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: الْأَرْبَعُ كَانَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ وَالرَّكْعَتَانِ فِي قَلِيلِهَا
قَوْلُهُ: (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي بَيْتِهِ وَفِي لَفْظٍ لَهُ " فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ " وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِعْلَ النَّوَافِلِ اللَّيْلِيَّةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ رَوَاتِبِ النَّهَارِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَنْ عَمْدٍ وَإِنَّمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَشَاغَلُ بِالنَّاسِ فِي النَّهَارِ غَالِبًا وَبِاللَّيْلِ يَكُونُ فِي بَيْتِهِ غَالِبًا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئ صَلَاةُ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ مَرْفُوعًا: أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ صَلَاةِ الْبُيُوتِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ فَاسْتَحْسَنَهُ قَوْلُهُ: (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي بَيْتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ عَنْ حَفْصَةَ وَقْتَ إيقَاعِ الرَّكْعَتَيْنِ لَا أَصْلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ، كَذَا قَالَ الْحَافِظُ
وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة مَا اشْتَمَلَا عَلَيْهِ مِنْ النَّوَافِلِ وَأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ وَاسْتِحْبَابُ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَا وُجُوبَ لِشَيْءٍ مِنْ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ، وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute