. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ. وَعَنْ مُعَاذٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ أَيْضًا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ بِلَفْظِ «الْوِتْرُ عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسِ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ: «ثَلَاثٌ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَهِيَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ، وَالْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: رَكْعَتَا الضُّحَى، بَدَلَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ: " قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالْأَضْحَى وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ» وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَعَنْ جَابِرِ عِنْدَ الْمَرْوَزِيِّ بِلَفْظِ " إنِّي كَرِهْتُ أَوْ خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ الْوِتْرُ " وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَهُنَّ لَكُمْ سُنَّةٌ: الْوِتْرُ، وَالسِّوَاكُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ» . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ كَقَوْلِهِ: " فَلَيْسَ مِنَّا "، وَقَوْلُهُ: " الْوِتْرُ حَقٌّ " وَقَوْلُهُ: " أَوْتِرُوا وَحَافِظُوا ". وَقَوْلُهُ: " الْوِتْرُ وَاجِبٌ ".
وَفِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُوَ بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَتَكُونُ صَارِفَةً لِمَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ
، وَأَمَّا حَدِيثُ " الْوِتْرُ وَاجِبٌ " فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ مُشْكِلًا لِمَا عَرَّفْنَاكَ فِي بَابِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَصْرُوفٌ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ سُنَّةٌ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إنَّهُ وَاجِبٌ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ، وَتَمَسَّكَ بِمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَأَجَابَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ بِمَا تَقَدَّمَ
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرُ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي هَذَا، وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ» لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا تُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَكَذَلِكَ إيرَادُهُ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ أَحَدِهَا عَلَى التَّعْيِينِ لَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ فِيهِ: حَقٌّ
وَمِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، الْحَدِيثُ، وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»
وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: " فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ " وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، لِأَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَسِيرٍ. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا عَنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute