للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مَثْنَى " لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَدْ أَخَذَ مَالِكٌ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، يُقَالُ: لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ لِحَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ، وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِرْشَادِ إلَى الْأَخَفِّ إذْ السَّلَامُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَخَفُّ عَلَى الْمُصَلِّي مِنْ الْأَرْبَعِ فَمَا فَوْقَهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الرَّاحَةِ غَالِبًا. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: الَّذِي أَخْتَارُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا فَلَا بَأْسَ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ نَحْوَهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، قَالَ: وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِس إلَّا فِي آخِرِهَا، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوَصْلِ قَوْلُهُ: (فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْوِتْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ

وَأَصْرَحُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى لِلَيْلٍ فَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ» فَإِذَا كَانَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ» . وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ وَقْتِ صَلَاةِ الْوِتْرِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِيتَارِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ مَخَافَةِ هُجُومِ الصُّبْحِ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ.

قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمِمَّنْ كَانَ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ وَتَمِيمٌ الدَّارِيِّ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَارِي وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيُّ وَابْنِ مَسْعُودٍ الْإِيتَارُ بِثَلَاثٍ مُتَّصِلَةٍ. قَالَ: مِمَّنْ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمْ

وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنُ حَزْمٍ وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِيتَارُ بِرَكْعَةٍ، وَإِلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ الْإِيتَارُ بِثَلَاثٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهْيٌ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ، قَالَ: وَلَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى سُقُوطِهِ بَيَانُ مَا هِيَ الْبُتَيْرَاءُ.

قَالَ: وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «الثَّلَاثُ بُتَيْرَاءُ» يَعْنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>