. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ فَالظَّاهِرُ حُصُولُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيَقُلْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَأَخُّرُ دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ عَنْ الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ آخَرَ يَسِيرٍ خُصُوصًا إنْ كَانَ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَتَى بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي، قَوْلُهُ: (أَسْتَخِيرُك) أَيْ أَطْلُبُ مِنْكَ الْخَيْرَ أَوْ الْخِيرَةَ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: اسْتَخَارَ اللَّهَ: طَلَبَ مِنْهُ الْخَيْرَ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: خَارَ اللَّهُ لَكَ: أَيْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا هُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ: وَالْخِيرَةُ بِسُكُونِ الْيَاء الِاسْم مِنْهُ قَالَ: فَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهِيَ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِهِ: اخْتَارَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ: (بِعِلْمِكِ) الْبَاءُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ بِأَنَّك أَعْلَمُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (بِقُدْرَتِكِ) قَوْلُهُ: (وَمَعَاشِي) الْمَعَاشُ وَالْعِيشَةُ وَاحِدٌ يُسْتَعْمَلَانِ مَصْدَرًا وَاسْمًا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: الْعَيْشُ: الْحَيَاةُ، قَالَ: وَالْمَعِيش وَالْمَعَاشُ وَالْمَعِيشَةُ مَا يُؤْنَسُ بِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي) هُوَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي قَوْلُهُ: (فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ) هُوَ طَلَبُ الْأَكْمَلِ مِنْ وُجُوهِ انْصِرَافِ مَا لَيْسَ فِيهِ خِيَرَةٌ عَنْهُ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِسُؤَالِ صَرْفِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَصْرِفُ اللَّهُ الْمُسْتَخِيرَ عَنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ بِأَنْ يَنْقَطِعَ طَلَبُهُ لَهُ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خِيَرَةٌ بِطَلَبِهِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ، وَقَدْ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنْ الْمُسْتَخِيرِ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَلَا يَصْرِفُ قَلْبَ الْعَبْدِ عَنْهُ بَلْ يَبْقَى مُتَطَلِّعًا مُتَشَوِّقًا إلَى حُصُولِهِ، فَلَا يَطِيبُ لَهُ خَاطِرٌ إلَّا بِحُصُولِهِ فَلَا يَطْمَئِنُّ خَاطِرُهُ، فَإِذَا صُرِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَر كَانَ ذَلِكَ أَكْمَلَ، وَلِذَلِكَ قَالَ: " وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ " لِأَنَّهُ إذَا قَدَّرَ لَهُ الْخَيْرَ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ كَانَ مُنَكَّدَ الْعَيْشِ آثِمًا بِعَدَمِ رِضَاهُ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ خَيْرًا لَهُ قَوْلُهُ: (وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ الدُّعَاءِ عِنْدَ ذِكْرِهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ: " إنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَالدُّعَاءِ عَقِيبَهَا وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: الظَّاهِرُ الِاسْتِحْبَابُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ تَكْرَارِ الِاسْتِخَارَةِ سَبْعًا، رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «إذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الَّذِي يَسْبِقُ إلَى قَلْبِك فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» . قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: إسْنَادُهُ غَرِيبٌ فِيهِ مَنْ لَا أَعْرِفهُمْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: كُلُّهُمْ مَعْرُوفُونَ وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ مَعْرُوفٌ بِالضَّعْفِ الشَّدِيدِ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ الْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْأَزْدِيُّ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُحَدِّثُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْبَوَاطِيلِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: شَيْخٌ كَانَ يَدُورُ بِالشَّامِ يُحَدِّثُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَوْضُوعَاتِ، لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَوْصِلِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حِبَّانَ بْنِ النَّجَّارِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَكَأَنَّهُ دَلَّسَهُ وَسَمَّاهُ النَّجَّارَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا سَاقِطٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ
نَعَمْ قَدْ يُسْتَدَلُّ لِلتَّكْرَارِ " بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute