٩٩١ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تُضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَفْعَلَهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ. وَقَدْ أَطْنَبَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ انْتَهَى.
وَطُرُقُ حَدِيثِ الْبَابِ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، فَتَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَقَدْ أَفْرَطَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَا الْفَجْرِ سَاقِطَةٌ مَطْرُوحَةٌ مَكْذُوبَةٌ.
٩٩١ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، وَحِينَ تُضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) . قَوْلُهُ: (أَنْ نَقْبُر) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ. قَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْقَبْرِ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَه فِي هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوز تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، كَمَا يُكْرَه تَعَمُّد تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ.
قَالَ: فَأَمَّا إذَا وَقَعَ الدَّفْنُ بِلَا تَعَمُّدٍ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يُكْرَهُ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الدَّفْنَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مُحَرَّمٌ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ غَيْرَ الْعَامِدِ بِالْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِرَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْهُ قَوْلُهُ: (بَازِغَةً) أَيْ ظَاهِرَةً قَوْلُهُ: (تَضَيَّفَ) ضَبْطَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَيْلُ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الدَّفْنِ. وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ الْكَرَاهَةِ. قَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْفَرَائِضِ الْمُؤَدَّاةِ فِيهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي النَّوَافِلِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ كَصَلَاةِ التَّحِيَّةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَضَاءِ الْفَوَائِتِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٌ جَوَازُ ذَلِكَ كُلِّهِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي النَّهْيِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى. وَجَعَلَهُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ هَهُنَا مِنْ جُمْلَةِ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ يُنَافِي دَعْوَاهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَمِنْ الْقَائِلِينَ بِكَرَاهَةِ قَضَاءِ الْفَرَائِضِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالدَّاعِي وَالْإِمَامُ يَحْيَى، قَالُوا: لِشُمُولِ النَّهْيِ لِلْقَضَاءِ، لِأَنَّ دَلِيلَ الْمَنْع لَمْ يَفْصِلْ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَرَائِضِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَهُمْ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ أَوْ سَهَا عَنْهَا فَوَقْتُهَا حِينَ يَذْكُرُهَا» الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فَجَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِأَحَادِيثِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ تَحَكُّمٌ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهَا مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute