للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «النَّبِيَّ قَرَأَ وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا مِنْ قُرَيْشٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْته بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

٩٩٨ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

قَوْلُهُ (غَيْر أَنَّ شَيْخًا مِنْ قُرَيْشٍ) صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ صَحِيحه أَنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. وَوَقَعَ فِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ.

وَفِي تَفْسِيرِ سُنَيْدٍ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. أَوْ عُقْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بِالشَّكِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: «لَمَّا أَظْهَر النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَامَ أَسْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ حَتَّى إنْ كَانَ لَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُونَ فَلَا يَقْدِرُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَسْجُدَ مِنْ الزِّحَامِ حَتَّى قَدِمَ رُؤَسَاءُ قُرَيْشٍ: ابْنُ الْمُغِيرَةِ وَأَبُو جَهْل وَغَيْرِهِمَا وَكَانُوا بِالطَّائِفِ، فَرَجَعُوا وَقَالُوا: تَدَعُونَ دِينَ آبَائِكُمْ» وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ لِقَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ إنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ أَحَدٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ النَّفْيَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ ارْتَدَّ سَخَطًا لِدِينِهِ لَا لِسَبَبِ مُرَاعَاةِ خَاطِرِ رُؤَسَائِهِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ الَّذِي رَفَعَ التُّرَابَ فَسَجَدَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَذَكَر أَبُو حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ أَبُو لَهَبٍ.

وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ سَجَدُوا فِي النَّجْمِ إلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْش بِذَلِكَ الشُّهْرَةَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّجْمَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ.، فَرَفَعْت رَأْسِي وَأَبَيْت أَنْ أَسْجُدَ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُطَّلِبُ يَوْمَئِذٍ أَسْلَمَ» وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَعَلَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَرَهُ أَوْ خَصَّهُ وَحْدَهُ بِذِكْرِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَخْذِ الْكَفِّ مِنْ التُّرَابِ دُون غَيْرِهِ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ لِمَنْ حَضَرَ عِنْدَ الْقَارِئِ لِلْآيَةِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَكَانَ سَبَبُ سُجُودِهِمْ فِيمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّهَا أَوَّلُ سَجْدَةٍ نَزَلَتْ وَأَمَّا مَا يَرْوِيهِ الْإِخْبَارِيُّونَ وَالْمُفَسِّرُونَ: أَنَّ سَبَبَ ذَلِكُمَا جَرَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي سُورَةِ (النَّجْمِ) فَبَاطِلٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، لِأَنَّ إلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ كُفْرٌ، وَلَا يَصِحُّ نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا أَنْ يَقُولَهُ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.

٩٩٨ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

٩٩٩ - (أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] ، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] » . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>