للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْعِرَاقِيُّ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَانَ. وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ عُثْمَانَ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ: «إذَا صَلَيْتَ فَرَأَيْت أَنَّكَ أَتَمَمْت صَلَاتَك وَأَنْتَ فِي بَيْتِك» الْحَدِيثُ. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ اثْنَتَيْنِ صَلَّى أَوْ ثَلَاثًا فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ» وَرِجَال إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ» وَفِي إسْنَادِهِ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ. قَالَ النَّسَائِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا عُتْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا بَأْسَ بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ الْبَابِ قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ وَبِمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ مُطْلَقًا.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَحَكَاهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَرَبِيعَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.

وَذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ الصَّحَابَةِ - إلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ بِالشَّكِّ لَا مُبْتَلًى بِهِ أَعَادَهَا، هَكَذَا فِي الْبَحْر. قَالَ: إنَّ الْمُبْتَلَى الَّذِي يُمْكِنهُ التَّحَرِّي يَعْمَلُ بِتَحَرِّيهِ. وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَاَلَّذِي حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ أَهْل الرَّأْيِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهِ تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، وَلَا يَلْزَم الِاقْتِصَار وَالْإِتْيَان بِالزِّيَادَةِ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي طَائِفَةٍ: هَذَا لِمَنْ اعْتَرَاهُ الشَّكُّ مَرَّة بَعْدَ أُخْرَى، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ عَلَى عُمُومِهِ اهـ.

وَحَكَى الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَسْتَيْقِنَ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْمُبْتَلَى لِي.

وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَمَالِكٍ أَنَّهُمَا قَالَا: يُعِيد مَرَّةً، وَعَنْ طَاوُسٍ كَذَلِكَ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ يُعِيدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالِاسْتِئْنَافِ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ سَهَا فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، فَقَالَ: لِيُعِدْ صَلَاتَهُ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَاعِدًا» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ إِسْحَاق مِنْ جَدِّهِ عُبَادَةَ انْتَهَى.

فَلَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِوُجُوبِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ، وَمَعَ هَذَا فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْمُبْتَلَى. وَالْمُدَّعِي اخْتِصَاص الْإِعَادَةِ بِالْمُبْتَدَإِ. وَاحْتَجُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>