. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
تَقَدَّمَ مَا يَشْهَد لَهُ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ «أُمِّ حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّةِ: أَنَّهَا جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ عَلِمْتُ، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَاركِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ» قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا» قَوْلُهُ: (أَصَابَتْ بَخُورًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ النِّسَاءِ إلَى الْمَسَاجِدِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَصْحَبْ ذَلِكَ مَا فِيهِ فِتْنَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا هُوَ فِي تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ فَوْقَ الْبَخُورِ دَاخِلٌ بِالْأَوْلَى.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَشْهَدْنَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ هَكَذَا بِزِيَادَةِ نُونِ التَّوْكِيدِ، وَفِي بَعْضِهَا بِحَذْفِهَا، وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ.
قَوْلُهُ: (رَأَى مِنْ النِّسَاءِ مَا رَأَيْنَا لَمَنَعَهُنَّ) يَعْنِي مِنْ حُسْنِ الْمَلَابِسِ وَالطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَالتَّبَرُّجِ، وَإِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ فِي الْمُرُطِ وَالْأَكْسِيَةِ وَالشَّمَلَاتِ الْغِلَاظِ. وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ فِي مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا بِقَوْلِ عَائِشَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهَا عَلَّقَتْهُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ قَالَتْ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ ظَنَّتْهُ فَقَالَتْ: " لَوْ رَأَى لَمَنَعَ " فَيُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَمْنَعْ وَظَنُّهَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَوْلُهُ: (كَمَا مَنَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ نِسَاءَهَا) هَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَتْ نَعَمْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَلَقَّتْهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِهَا. وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَلَفْظُهُ: " قَالَتْ: كُنَّ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ يَتَّخِذْنَ أَرْجُلًا مِنْ خَشَبٍ يَتَشَرَّفْنَ لِرِجَالٍ فِي الْمَسَاجِدِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِدَ وَسُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ ". وَقَدْ حَصَلَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْإِذْنَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ إلَى الْمَسَاجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي خُرُوجِهِنَّ مَا يَدْعُو إلَى الْفِتْنَةِ مِنْ طِيبٍ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ أَيِّ زِينَةٍ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ مَا يَدْعُو إلَى ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الْخُرُوجُ لِقَوْلِهِ: " فَلَا تَشْهَدْنَ " وَصَلَاتُهُنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي بُيُوتِهِنَّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِنَّ فِي الْمَسَاجِدِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute