١٠٧٤ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ
ــ
[نيل الأوطار]
رُخْصَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَرَخَّصَ. وَمَعْنَى هَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ: نَدْبٌ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْفَضِيلَةَ وَلَوْ بِحَمْلِ الْمَشَقَّةِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُطِرْنَا، فَقَالَ: لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ» قَوْلُهُ: (فِي رِحَالِكُمْ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الرَّحْلُ: الْمَنْزِلُ وَجَمْعُهُ رِحَالٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ وَفِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ " وَفِي أُخْرَى لَهُ " إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ " وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ " لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ أَوْ ذَاتُ رِيحٍ " وَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ عُذِرَ فِي التَّأَخُّرِ عَنْ الْجَمَاعَةِ. وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرِّيحَ عُذْرٌ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ الثَّلَاثَةِ بِاللَّيْلِ.
وَفِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالْغَدَاةِ الْقِرَّةِ " وَفِيهَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّهُمْ مُطِرُوا يَوْمًا فَرَخَّصَ لَهُمْ " وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَاب " فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ " قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ التَّرْخِيصَ لِعُذْرِ الرِّيحِ فِي النَّهَارِ صَرِيحًا، قَوْلُهُ: (لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ) فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ رُخْصَةٌ وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ، قَوْلُهُ (فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فِي يَوْمٍ رَزْغٍ " بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الزَّاي بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ. قَالَ فِي الْمُحْكَمِ: الرَّزْغُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَقِيلَ: إنَّهُ طِينٌ وَوَحْلٌ
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَلِابْنِ السَّكَنِ " فِي يَوْمٍ رَدْغٍ " بِالدَّالِ بَدَلَ الزَّاي قَوْلُهُ: (إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتكُمْ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ " وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤَذِّنَ فِي يَوْمِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ لَا يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، بَلْ يَجْعَلُ مَكَانَهَا: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. وَبَوَّبَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حِبَّانَ ثُمَّ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بَابُ حَذْفِ حَيَّ عَادَ إلَى الصَّلَاةِ، قَوْلُهُ: (إنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ) بِسُكُونِ الزَّايِ ضِدُّ الرُّخْصَةِ قَوْلُهُ: (أَنْ أُحْرِجَكُمْ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ جِيمٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ " أَنْ أُخْرِجَكُمْ " بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أُؤَثِّمَكُمْ " وَهِيَ تُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَوْلُهُ: (فَتَمْشُوا) فِي رِوَايَةٍ " فَتَجِيئُونَ فَتَدُوسُونَ الطِّينَ إلَى رُكَبِكُمْ " وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى التَّرْخِيصِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَطَرِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ وَالرِّيحِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute