للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٧٩ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا الْإِقْفَالَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَنَا: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ: وَكَانَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْقِرَاءَة وَلِأَبِي دَاوُد: وَكُنَّا يَوْمئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْعِلْم)

ــ

[نيل الأوطار]

الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَوْلَادُ مَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَوْلَى مِنْ أَوْلَادِ مَنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله: (فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا) أَيْ يُقَدَّمُ فِي الْإِمَامَةِ مَنْ كَبِرَ سِنُّهُ فِي الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَضِيلَةٌ يَرْجَحُ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " سِلْمًا " فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ الْإِسْلَامُ، فَيَكُونُ مَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ أَوْلَى مِمَّنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ، وَجَعَلَ الْبَغَوِيّ أَوْلَادَ مَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ أَوْلَى مِنْ أَوْلَادِ مَنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ، وَالْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ وَالْمَجْلِسِ وَإِمَامَ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سَلْطَنَتِهِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّلْطَانُ الَّذِي إلَيْهِ وِلَايَةُ أُمُورِ النَّاسِ لَا صَاحِبَ الْبَيْتِ وَنَحْوَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: «وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّلْطَانَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ قُرْآنًا وَفِقْهًا وَوَرَعًا وَفَضْلًا، فَيَكُونُ كَالْمُخَصِّصِ لِمَا قَبْلَهُ.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: وَيُقَدَّمُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ وِلَايَتَهُ وَسَلْطَنَتَهُ عَامَّةٌ. قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ: (عَلَى تَكْرِمَتِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَابْنُ رَسْلَانَ: بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِرَاشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ أَهْلِهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْوِسَادَةُ وَفِي مَعْنَاهَا السَّرِيرُ وَنَحْوُهُ.

١٠٧٩ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا الْإِقْفَالَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَنَا: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ: وَكَانَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْقِرَاءَة وَلِأَبِي دَاوُد: وَكُنَّا يَوْمئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْعِلْم) . قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَرَدْنَا الْإِقْفَالَ) هُوَ مَصْدَرُ أَقْفَلَ: أَيْ رَجَعَ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَحِيمًا فَقَالَ: لَوْ رَجَعْتُمْ إلَى بِلَادِكُمْ فَعَلَّمْتُمُوهُمْ» قَوْلُهُ: (وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا) فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى صَرْفِهِ إلَى النَّدْبِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ كِبَرُ السِّنِّ.

وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْكِبَرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ السِّنِّ وَالْقَدْرِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» ثُمَّ جُمِعَ بِأَنَّ قِصَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>