للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ إمَامَةِ الْأَعْمَى وَالْعَبْدِ وَالْمَوْلَى

١٠٨٣ - (عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ يُصَلِّي

ــ

[نيل الأوطار]

مَهْدِيٍّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، مِنْ رِوَايَةِ ثَوْرِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ ثَوْبَانَ وَلَكِنْ لَفْظه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي جَوْفِ بَيْتِ امْرِئٍ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ نَظَرَ فَقَدْ دَخَلَ، وَلَا يَؤُمُّ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ، وَلَا يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ حَاقِنٌ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي حَيِّ الْمُؤَذِّنِ عَنْ ثَوْبَانَ فِي هَذَا أَجْوَدُ إسْنَادًا وَأَشْهَرُ انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَفِيهِ: «وَلَا يَؤُمَّنَّ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا بِلَفْظِ: «وَمَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ فَخَصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَقَدْ خَانَهُمْ» .

وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ اخْتِلَافٌ ذَكَره الدَّارَقُطْنِيّ قَوْله: «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمُّهُمْ وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ» ) فِيهِ أَنَّ الْمَزُورَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْ الزَّائِرِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ أَوْ أَقْرَأَ مِنْ الْمَزُورِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرهمْ، قَالُوا: صَاحِبُ الْمَنْزِل أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْ الزَّائِرِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ بِصَاحِبِ الْمَنْزِل وَإِنْ أَذِنَ لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ إذَا زَارَهُمْ يَقُولُ: لِيُصَلِّ رَجُلٌ مِنْهُمْ انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الزَّائِرِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَكَانِ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا ذَكَرَهُ، وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا سَلَف أَنَّ أَبَا دَاوُد زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ: «وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلَ فِي بَيْتِهِ» فَيَصْلُحُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ فِي آخِرٍ حَدِيثِهِ: " إلَّا بِإِذْنِهِ " لِتَقْيِيدِ جَمِيعِ الْجُمَلِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتهَا قَوْله: «وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ» عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ، وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ قَالَا: مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِ الْقَيْدِ بِبَعْضِ الْجَمَلِ.

وَيُعَضِّدُ التَّقْيِيدَ بِالْإِذْنِ عُمُومُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ ". وَقَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ: " إلَّا بِإِذْنِهِمْ " كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازُ إمَامَةِ الزَّائِرِ عِنْدَ رِضَا الْمَزُورِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَزُورُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا كَالْمَرْأَةِ فِي صُورَةِ كَوْن الزَّائِرِ رَجُلًا، وَالْأُمِّيِّ فِي صُورَة كَوْن الزَّائِر قَارِئًا وَنَحْوهمَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>