للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فِي الْمِيزَان: صَاحِب مَنَاكِير وَقَدْ وُثِّقَ.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدِ عِنْد الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ رُءُوسَهُمْ: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» الْحَدِيث، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْد ذِكْره: وَهَذَا إسْنَاد ضَعِيف. وَعَنْ سَلْمَانَ عِنْد ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّف بِنَحْوِ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَة الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ سَلْمَانَ وَلَمْ يَسْمَع مِنْهُ

وَأَحَادِيث الْبَاب يُقَوِّي بَعْضهَا بَعْضَا، فَيَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى تَحْرِيم أَنْ يَكُون الرَّجُل إمَامَا لِقَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ. وَيَدُلّ عَلَى التَّحْرِيم. نَفْي قَبُول الصَّلَاة وَأَنَّهَا لَا تُجَاوِز آذَان الْمُصَلِّينَ وَلُعِنَ الْفَاعِل لِذَلِكَ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى التَّحْرِيم قَوْم وَإِلَى الْكَرَاهَة آخَرُونَ

وَقَدْ رَوَى الْعِرَاقِيُّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْبَصْرِيِّ، وَقَدْ قَيَّدَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْكَرَاهَةِ الدِّينِيَّة لِسَبَبٍ شَرْعِيِّ، فَأَمَّا الْكَرَاهَة لِغَيْرِ الدِّين فَلَا عِبْرَة بِهَا، وَقَيَّدُوهُ أَيْضًا بِأَنْ يَكُون الْكَارِهُونَ أَكْثَر الْمَأْمُومِينَ وَلَا اعْتِبَار بِكَرَاهَةِ الْوَاحِد وَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة إذَا كَانَ الْمُؤْتَمُّونَ جَمْعَا كَثِيرَا لَا إذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة، فَإِنَّ كَرَاهَتهمْ أَوْ كَرَاهَة أَكْثَرهمْ مُعْتَبَرَة

وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيث عَلَى إمَام غَيْر الْوَالِي؛ لِأَنَّ الْغَالِب كَرَاهَة وُلَاة الْأَمْر. وَظَاهِر الْحَدِيث عَدَم الْفَرْق وَالِاعْتِبَار بِكَرَاهَةِ أَهْل الدِّين دُون غَيْرهمْ حَتَّى قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاء: لَوْ كَانَ الْأَقَلّ مِنْ أَهْل الدِّين يَكْرَهُونَهُ فَالنَّظَر إلَيْهِمْ قَوْله: (وَرَجُل اعْتَبَدَ مُحَرَّره) أَيْ اتَّخَذَ مُعْتَقَهُ عَبْدَا بَعْد إعْتَاقه، وَذَلِكَ بِأَنْ يُعْتِقهُ ثُمَّ يَكْتُمهُ ذَلِكَ وَيَسْتَعْمِلهُ، يُقَال اعْتَبَدْتُهُ: اتَّخَذْته عَبْدَا قَوْله: (لَا تُجَاوِز صَلَاتهمْ آذَانهمْ) أَيْ لَا تَرْتَفِع إلَى السَّمَاء وَهُوَ كِنَايَة عَنْ عَدَم الْقَبُول كَمَا هُوَ مُصَرَّح بِهِ فِي حَدِيث ابْنِ عَمْرٍو وَغَيْره قَوْله: (الْعَبْد الْآبِق) فِيهِ أَنَّ الْعَبْد الْآبِق لَا تُقْبَل لَهُ صَلَاة حَتَّى يَرْجِع مِنْ إبَاقه إلَى سَيِّده

وَفِي صَحِيح مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ» وَرُوِيَ الْقَوْل بِذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

وَقَدْ أَوَّل الْمَازِرِيُّ وَتَبِعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ حَدِيث جَرِيرٍ عَلَى الْعَبْد الْمُسْتَحِلّ لِلْإِبَاقِ فَيَكْفُر وَلَا تُقْبَل لَهُ صَلَاة وَلَا غَيْرهَا وَنَبَّهَ بِالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرهَا، وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ ذَلِكَ عَلَى الْمَازِرِيِّ وَالْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْر الْمُسْتَحِلّ، وَلَا يَلْزَم مِنْ عَدَم الْقَبُول عَدَم الصِّحَّة، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْبَحْث عَنْ هَذَا فِي مَوَاضِع قَوْله: (وَامْرَأَة. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ إغْضَاب الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا حَتَّى يَبِيت سَاخِطًا عَلَيْهَا مِنْ الْكَبَائِر، وَهَذَا إذَا كَانَ غَضَبه عَلَيْهَا بِحَقٍّ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانًا عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» وَلَعَلَّ التَّأْوِيل الْمَذْكُور فِي عَدَم قَبُول صَلَاة الْعَبْد يَجْرِي فِي صَلَاة الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>