للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١٥ - (وَعَنْ «الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلْقَمَةُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْهَاجِرَةِ، قَالَ: فَأَقَامَ الظُّهْرَ لِيُصَلِّيَ فَقُمْنَا خَلْفَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ عَمِّي، ثُمَّ جَعَلَ أَحَدَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ، فَصَفَّنَا صَفًّا وَاحِدًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مَعْنَاهُ) .

بَاب وُقُوف الْإِمَام تِلْقَاء وَسْط الصَّفّ وَقُرْب أُوَلِي الْأَحْلَام وَالنُّهَى مِنْهُ

١١١٦ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَسِّطُوا الْإِمَامَ، وَسُدُّوا

ــ

[نيل الأوطار]

صَلَاة مَنْ فِي صَفّهَا إنْ عَلِمُوا بِكَوْنِهَا فِي صَفّهمْ

وَمِنْ الْأَدِلَّة الدَّالَّة عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة تَقِف وَحْدهَا حَدِيث أَنَسٍ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ بِلَفْظِ: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» وَفِي لَفْظ «فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيم خَلْفه وَالْعَجُوز مِنْ وَرَائِنَا» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا صَفٌّ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مَوْضُوع وَضَعَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُعْرَف إلَّا بِإِسْمَاعِيلَ.

الْحَدِيث فِي إسْنَاده هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضهمْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيث لَا يَصِحّ رَفْعه، وَالصَّحِيح فِيهِ عِنْدهمْ أَنَّهُ مَوْقُوف عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ انْتَهَى. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحه وَالتِّرْمِذِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَدْ ذَكَر جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْل الْعِلْم مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَدِيث ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّمَ هَذِهِ الصَّلَاة مِنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَفِيهَا التَّطْبِيق وَأَحْكَام أُخَرُ هِيَ الْآن مَتْرُوكَة، وَهَذَا الْحُكْم مِنْ جُمْلَتهَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَة تَرَكَهُ، وَعَلَى فَرْض عَدَم عِلْم التَّارِيخ لَا يَنْتَهِضُ هَذَا الْحَدِيث لِمُعَارَضَةِ الْأَحَادِيث الْمُتَقَدِّمَة فِي أَوَّل الْبَاب. وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى وُقُوف الِاثْنَيْنِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَام وَيَسَاره أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ. وَمِنْ أَدِلَّتهمْ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَسِّطُوا الْإِمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَلَ» وَسَيَأْتِي وَهُوَ مُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد اجْعَلُوهُ مُقَابِلًا لِوَسْطِ الصَّفّ الَّذِي تَصُفُّونَ خَلْفه، وَمُحْتَمَل أَنْ يَكُون مِنْ قَوْلهمْ فُلَان وَاسِطَة قَوْمه: أَيْ خِيَارهمْ، وَمُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد اجْعَلُوهُ وَسْط الصَّفّ فِيمَا بَيْنكُمْ غَيْر مُتَقَدِّم وَلَا مُتَأَخِّر، وَمَعَ الِاحْتِمَال لَا يَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ. وَأَيْضًا هُوَ مَهْجُور الظَّاهِر بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَمَنْ مَعَهُ إنَّمَا قَالُوا بِتَوَسُّطِ الْإِمَام فِي الثَّلَاثَة لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمْ فَيَقِفُونَ خَلْفه. وَظَاهِر الْحَدِيث عَدَم الْفَرْق بَيْن الثَّلَاثَة وَأَكْثَر مِنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>