للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

يَسُوءُكَ اللَّهُ، إنِّي لَمْ آتِ الَّذِي أَتَيْتَ بِجَهَالَةٍ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَنَا: كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْم فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَكَ، ثُمَّ حَدَّثَ فَمَا رَأَيْتُ الرِّجَالَ مَتَحَتْ أَعْنَاقَهَا إلَى شَيْءٍ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَلَكَ أَهْلُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، أَلَا لَا عَلَيْهِمْ آسَى، وَلَكِنْ آسَى عَلَى مَنْ يُهْلِكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا هُوَ أُبَيٌّ يَعْنِي ابْنَ كَعْبٍ» هَذَا لَفْظ أَحْمَدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيث أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه " وَمَتَحَتْ " بِفَتْحِ الْمِيم وَتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ بَيْنهمَا حَاء مُهْمَلَة: أَيْ مَدَّتْ " وَأَهْل الْعُقْدَة " بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْقَاف: يُرِيد الْبَيْعَة الْمَعْقُودَة لِلْوِلَايَةِ. وَعَنْ سَمُرَة عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِير أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيَقُمْ الْأَعْرَابُ خَلْفَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لِيَقْتَدُوا بِهِمْ فِي الصَّلَاةِ» وَهُوَ مِنْ رِوَايَة الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَعَنْ الْبَرَاءِ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَقَدَّمْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَعْرَابِيٌّ وَلَا عَجَمِيٌّ وَلَا غُلَامٌ لَمْ يَحْتَلِمْ» وَفِي إسْنَاده لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيف قَوْله: (وَسِّطُوا الْإِمَام) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جَعْل الْإِمَام مُقَابِلًا لِوَسْطِ الصَّفّ وَهُوَ أَحَد الِاحْتِمَالَات الَّتِي يَحْتَمِلهَا الْحَدِيث وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، قَوْله: (وَسُدُّوا الْخَلَل) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: هُوَ بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام وَهُوَ مَا بَيْن الِاثْنَيْنِ مِنْ الِاتِّسَاع

وَسَيَأْتِي ذِكْر مَا هِيَ الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ فِي بَاب الْحَثّ عَلَى تَسْوِيَة الصُّفُوف قَوْله: (فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ) لِأَنَّ مُخَالَفَة الصُّفُوف مُخَالَفَة الظَّوَاهِر، وَاخْتِلَاف الظَّوَاهِر سَبَب لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِن قَوْله: (لِيَلِيَنِّي) قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِكَسْرِ اللَّامَيْنِ وَتَخْفِيفِ النُّون مِنْ غَيْر يَاء قَبْل النُّون، وَيَجُوز إثْبَات الْيَاء مَعَ تَشْدِيد النُّون عَلَى التَّوْكِيد وَاللَّام فِي أَوَّله لَام الْأَمْر الْمَكْسُورَة: أَيْ لِيَقْرُب مِنِّي قَوْله: (أُولُو الْأَحْلَام وَالنُّهَى) قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: الْأَحْلَام وَالنُّهَى بِمَعْنًى وَاحِد، وَالنُّهَى بِضَمِّ النُّون جَمْع نُهْيَة بِالضَّمِّ أَيْضًا وَهِيَ الْعَقْل لِأَنَّهَا تَنْهَى عَنْ الْقُبْح. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: يَجُوز أَنْ يَكُون النُّهَى مَصْدَرًا كَالْهُدَى وَأَنْ يَكُون جَمْعًا كَالظُّلَمِ. وَقِيلَ: الْمُرَاد بِأُولِي الْأَحْلَام: الْبَالِغُونَ، وَبِأُولِي النُّهَى: الْعُقَلَاء، فَعَلَى الْأَوَّل يَكُون الْعَطْف فِيهِ مِنْ بَاب:

فَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا

وَهُوَ أَنْ يَنْزِل تَغَايُر اللَّفْظ مَنْزِلَة تَغَايُر الْمَعْنَى وَهُوَ كَثِير فِي الْكَلَام. وَعَلَى الثَّانِي يَكُون لِكُلِّ لَفْظ مَعْنًى مُسْتَقِلّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى صَبِيًّا فِي الصَّفّ أَخْرَجَهُ

وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَأَبِي وَائِلٍ مِثْل ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا النَّوْع بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّبْلِيغ، وَيُسْتَخْلَف إذَا اُحْتِيجَ إلَى اسْتِخْلَافه، وَيَقُوم بِتَنْبِيهِ الْإِمَام إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ قَوْله: (وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَات الْأَسْوَاق) بِفَتْحِ الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>