للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَمِنْ مُتَمَسَّكَاتِهِمْ مَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّف حَدِيث وَابِصَةَ وَيَقُول: لَوْ ثَبَتَ لَقُلْت بِهِ، وَيُجَاب عَنْهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابه قَدْ أَجَابَ عَنْهُ فَقَالَ: الْخَبَر الْمَذْكُور ثَابِت، قِيلَ: الْأَوْلَى الْجَمْع بَيْن أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْلِ عَدَم الْأَمْر بِالْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ مَعَ خَشْيَة الْفَوْت لَوْ انْضَمَّ إلَى الصَّفّ

وَأَحَادِيث الْإِعَادَة عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْر. وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَعْلَم مَا فِي ابْتِدَاء الرُّكُوع عَلَى تِلْكَ الْحَال مِنْ النَّهْي فَلَا إعَادَة عَلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيث أَبِي بَكْرَةَ لِأَنَّ النَّهْي عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ، وَمَنْ عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَفَعَلَ بَعْض الصَّلَاة أَوْ كُلّهَا خَلْف الصَّلَاة لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ

قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَلَا يُعَدّ حُكْم الشُّرُوعِ فِي الرُّكُوع خَلْف الصَّفّ حُكْم الصَّلَاة كُلّهَا خَلْفه، فَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَرَى أَنَّ صَلَاة الْمُنْفَرِد خَلْف الصَّلَاة بَاطِلَة، وَيَرَى أَنَّ الرُّكُوع دُون الصَّفّ جَائِز قَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَف فِي الرُّكُوع دُون الصَّفّ، فَرَخَّصَ فِيهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ وَهْبٍ.

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُرْوَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الصَّفّ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَفْعَل وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله: " وَلَا تَعُدْ " فَقِيلَ: نَهَاهُ عَنْ الْعُود إلَى الْإِحْرَام خَارِج الصَّفّ، وَأَنْكَرَ هَذَا ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: أَرَادَ لَا تَعُدْ فِي إبْطَاء الْمَجِيء إلَى الصَّلَاة. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ الْفَاسِيِّ تَبَعًا لِلْمُهَلَّبِ بْن أَبِي صُفْرَة: مَعْنَاهُ لَا تَعُدْ إلَى دُخُولك فِي الصَّفّ وَأَنْتَ رَاكِع فَإِنَّهَا كَمِشْيَةِ الْبَهَائِم، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي مُصَنَّفه عَنْ الْأَعْلَمِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: «أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي وَقَدْ رَكَعَ، فَرَكَعَ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَيُّكُمْ دَخَلَ فِي الصَّفِّ وَهُوَ رَاكِعٌ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا، فَقَالَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» وَقَالَ غَيْره: بَلْ مَعْنَاهُ: لَا تَعُدْ إلَى إتْيَان الصَّلَاة مُسْرِعًا وَاحْتُجَّ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صَحِيحه بِلَفْظِ: «أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَانْطَلَقْتُ أَسْعَى حَتَّى دَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: مَنْ السَّاعِي آنِفًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: فَقُلْت: أَنَا، فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» .

قَالَ: فِي التَّلْخِيص أَيْضًا: إنَّهُ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ - فِي الْأَوْسَط مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا يُعَارِض هَذَا الْحَدِيث، فَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيث ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَر يَقُول: " إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ رُكُوعٌ فَلْيَرْكَعْ حِينَ يَدْخُل ثُمَّ يَدِبّ رَاكِعَا حَتَّى يَدْخُل فِي الصَّفّ، فَإِنَّ ذَلِكَ السُّنَّة " قَالَ عَطَاءٌ: وَقَدْ رَأَيْته يَصْنَع ذَلِكَ، قَالَ: وَتَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ وَهْبٍ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْر حَرْمَلَةَ، وَلَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ لَمْ يَجِد فُرْجَة وَلَا سَعَة فِي الصَّفّ مَا الَّذِي يَفْعَل؟ فَحُكِيَ عَنْ نَصّه فِي الْبُوَيْطِيِّ: أَنَّهُ يَقِف مُنْفَرِدًا وَلَا يَجْذِب

<<  <  ج: ص:  >  >>