الناكلَيْن، كان ذلك موافقاً لشرط الواقف؛ فإن موجبه أن لا يصرف إلى البطن الثاني شيء، ما بقي من البطن الأول أحد، ولكن قد أبطلا حقوقهما بالنكول، ولو صرفنا نصيب الحالف إلى البطن الثاني، لكان ذلك مخالفاً لشرط الواقف مع بقاء الناكلَيْن، فاختلف أصحابنا لما نبهنا عليه على ثلاثة أوجه:
فقال بعضهم: يصرف نصيب الحالف إلى البطن الثاني؛ لأن الناكلَيْن أبطلا حقوقهما بالكلية، فصار ذلك منهما بمثابة موتهما، ولو ماتا، لم يجز الصرف إلى البطن الثاني، وهذا ضعيف؛ فإنه مخالفةٌ لشرط الواقف.
والوجه الثاني - أن نصيب الحالف مصروف إلى الناكلَيْن وفاء بالشرط، وهما إن أبطلا حقهما المتلقَّى من الواقف، فهذا حق متجدد لهما بموت الحالف، فلا سبيل إلى إبطاله عليهما.
ومن أصحابنا من قال: لا يصرف إلى الناكلَيْن، ولا إلى البطن الثاني، وقال: هذا المقدار تعذر مصرفه، لما نبهنا عليه من الإشكال في صدْر المسألة، فيصرف إلى أقرب الناس بالمُحَبِّس، وهذا مسلك لنا معروف: مهما (١) تعذر صرف شيء من الوقف إلى المصرف الذي شرطه الواقف بعد صحة الوقف.
١٢٠٨١ - ووراء ما ذكرناه تنبيهات في استكمال التفريع:
أحدها: إن نصيب الناكلَين في أول الأمر متروك على المدعى عليه؛ فإنه لم تثبت فيه حجة، والاستحقاق تبع الحجة، وأما نصيب الحالف، وقد مات -في صورة الأوجه الثلاثة- فقد ثبتت عليه الحجة؛ فإنه حلف عليه في حياته، فلا سبيل إلى تركه بعد وفاته على المدعى عليه، وقد انتزع من يده بحكم وقفٍ لازم، فوقع التردد بعد ذلك في المصرف.
ومما نذكره أنا إن صرفنا إلى الناكلَيْن، فهذا يخرج على التردد الذي ذكرناه في أنهم إذا حلفوا، ثم مات بعضهم، فهل يأخذ الباقون نصيب من مات من غير يمين؟