للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الدين مع الصدقة]

٢١٣٥ - اختلف قولُ الشافعي في أن الدين هل يمنع تعلّق الزكاة بالعين؟ فقال في أحد القولين: "إنه يمنع وجوب الزكاة"، وهو مذهب أبي حنيفة (١). وقال في القول الثاني: "لا يمنع".

وتوجيه القولين يتعلق بمسائل الخلاف، ولكنا نذكر ما يتعلق بربط التفريع ونظم المذهب.

فمن قال بوجوب الزكاة، فمتعلقه تمامُ الملك، وآيتُه نفوذُ تصرف المالك بما شاء، بما في يده.

ومن قال: لا تجب، استدل بمعنيين: أحدهما - ادعاء ضعف الملك؛ من جهة أنه مأمور بصرف ما في يده إلى دينه، وقد يتسلط مستحق الدين على أخذه عند تعذر استيفاء الدين.

والثاني - أن الزكاة تجب في الدين، وسبب وجوبها المال الذي في يد من عليه الدين، فلو أوجبنا الزكاة فيما في يده، لكان مالُه سببَ الزكاتين.

٢١٣٦ - وإذا وضح هذا، فرّعنا عليه، وقلنا: إن حكمنا بأن الدَّين لا يمنع تعلّق الزكاة بالعين، فلو انضم إليه انقطاعُ تصرف المالك، وذلك يُفرض من وجوهٍ نذكرها، منها: أنه لو [أحاط] (٢) به الدين، فحجر القاضي عليه لمكان الديون، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن ذلك يمنع الزكاة. وإن كان الدين لا يمنع التصرفَ، فلا يتضمن تضعيف الملك، وإذا حجر عليه انْسدَّ طريق التصرف، ولم يستمر ادّعاء


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٥٠، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٤٢٤، مسألة ٤٠٥، رؤوس المسائل: ص ٢١٧، مسألة ١١٦، المبسوط: ٢/ ١٩٢.
(٢) في جميع النسخ ما عدا (ط): أحاطت.