للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب التبكير إلى الجمعة]

١٥٠٥ - والغرض من هذا الباب الكلام على خبر مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما روي أنه قال في مساق حديث: "من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنه، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرّب بيضة، والملائكة على الطرق يكتبون الأول فالأول، فإذا أخذ الخطيب يخطب طَوَوْا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر" (١).

١٥٠٦ - وقد اختلف أئمتنا في معنى الساعات المذكورة في الحديث، فذهب بعضهم إلى حمل الساعات على الساعات التي قسم عليها الليل والنهار، وحمل الساعة الأولى على الساعة الأولى من النهار، وهكذا إلى استيعاب خمس ساعات، وهذا غلط؛ فإن الماضين ما كانوا يبتكرون إلى الجامع في الساعة الأولى، ثم الساعة الخامسة في النهار الصائف تقع قبل الزوال، وفي اليوم الشَّاتي تقع قريبة من العصر؛ فلم يُرد النبي صلى الله عليه وسلم ما يذكره أصحاب التقاويم، وإنما أراد عليه السلام الاستحثاثَ على السبق والتقديم، وترتيبَ منازل السابقين [واللاحقين] (٢) اللاحقين.

فهذا معنى الحديث.

وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: "من غسَّل واغتسل، وبكَّر وابتكر، وجلس قريباً، ولم يرفث، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (٣)، قوله غسّل معناه:


(١) حديث التبكير إلى الجمعة متفق عليه من حديث أبي هريرة. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٦٥ ح ٤٩٣).
(٢) في الأصل: "أو اللاحقين".
(٣) حديث "من غسل واغتسل ... " رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وأحمد، =