للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفقه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم]

- أشرقت الأرض بنور ربها، وصدع محمد صلى الله عليه وسلم بأمر ربه، وأخذ يسعى في أرجاء مكة، ونور السماء بين يديه، يبدد جيوش الظلام التي تحاصر العرب وتسد عليهم منافذ الهدى.

- وكان أول منفذ يخرج منه هؤلاء المحاصَرون هو تحريرهم من العبودية للطواغيت، والارتفاع بهم إلى المنزلة العظمى: إلى عبادة الله وحده، وكان الصراع طويلاً مريراً؛ حيث أَلِفَ الملأ من قريش الظلامَ؛ ولم تقوَ عيونُهم على استقبال نور الله؛ فقضى الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث عَشرَةَ سنة، وهو يحاول أن يطهر القلوب والعقول من الزيغ والضلال ويغرس فيها الإيمان بالله وحده، ومن هنا كان القرآن المكي -وهو يقرب من ثلثي القرآن الكريم (١) - متجهاً إلى إثبات وجود الله، وأنه وحده المستحق للعبادة، وأن هناك يوماً للحساب، حيث الجنة للطائعين، وجهنم للعاصين. وفي سبيل ذلك يضرب لهم المثل بالأمم السابقة وما أصابها حين عَتَوْا واستكبروا.

- ولما طال عنادهم وعتوُّهم أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، وأحسن أهلُها الأنصارُ استقبال الهدى وأهلَه، وصار للإسلام دولة منذ أن استقر في المدينة، وعلى طول عشر سنوات مشرقة بنور الرسالة، نزل فيها باقي القرآن الكريم، وهو المدني من القرآن، وهو يزيد على الثلث قليلاً.

- كان المسلمون في دولتهم الجديدة يتقلبون في معايشهم: طعاماً وشراباً، وزواجاً وطلاقاً، وسفراً وإقامة، وحرباً وسلماً، وفق تشريع السماء، حيث كان


(١) الخضري، محمد الخضري بك، رحمه الله، تاريخ التشريع: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>