قال الشافعي:" ولا يجزىء العبدَ في الكفارة إلا الصوم ... إلى آخره "(١).
١١٧٤٥ - إذا حنث العبد ولزمته الكفارة، فيتصور منه الصيام، وأما التكفير بالمال، فإنه يترتب على أن العبد هل يملك بالتمليك، فإن قلنا: لا يملك، فلا يصح منه التكفير بالمال أصلاً، وإن قلنا: إنه يملك، فلو ملكه مولاه طعاماً أو كسوة، فلا يملك إخراجه في الكفارة دون إذن السّيد، فإن أذن في التكفير بالإطعام والكسوة، صح منه باتفاق الأصحاب؛ فإن تبرّعه بما ملَّكه مولاه نافذ بإذن المولى، والملك الذي يتهيأ فيه التبرع يُتصوّر أداء الفرض به على الوجه الذي يتصور التبرع به.
ولو ملَّك عبده عبداً، وأذن له في أن يعتقه عن كفارته، فهل يصح منه التكفير بالعتق أم لا؟
هذا يستدعي تقديمَ أصلٍ وهو أنه لو ملَّك عبده عبداً، وأذن له في إعتاقه تبرعاً، فإذا أعتقه، فلا شك أن العتق ينفذ؛ فإن الحق لا يعدو السيدَ والعبدَ، وما حكم الولاء؟ ذكر الأصحاب قولين مشهورين: أحدهما - أن الولاء يكون للسيد في الحال والمآل؛ فإن ثبوت الولاء للعبد الرقيق محال، كما سنصفه.
والقول الثاني - أن ولاء ذلك المعتَق موقوف: فإن عَتَق هذا العبدُ الذي أعتقه، فيكون ولاء ذلك المعتَق له تبيناً، وإن مات رقيقاً، فيكون ولاؤه لسيده.
وذكر صاحب التقريب في المسألة قولاً غريباً أن الولاء يكون للعبد المعتِق في حال رِقِّه؛ فإذا لم نُبعد أن يثبت له ملك، لم نبعد أن يثبت له الولاء، وهذا وإن كان متجهاً على ظاهر القياس، فهو بعيد في الحكاية، وسبب بعده تعليلاً أن الولاء لو ثبت،