١٥٥١ - نذكر في هذا الباب مقاصدَ منها: تفصيلُ الخوف الشديد وسببه، فإذا تحركت الصفوف، والتف الحزبان في قتالٍ واجب، أو في قتالٍ مباح، واقتضت الحال ملابسةَ ما هم فيه، فهذا ما ذكرناه.
ولو انهزم العدو، وركب المسلمون أقفيتَهم، وعلموا أنهم لو نزلوا وصلّوا متمكنين، فات العدوّ، فلا يصلّون صلاة الخوف؛ إذ لا خوفَ، وإنما هذا فواتُ مطلوبٍ، والرخص لا يُعدى بها مواضعها.
ولو انهزم المسلمون فاتبعهم الكفار، نُظر: فإن حل لهم أن ينهزموا، صلوا صلاة الخوف، وذلك إذا زاد الكفار على الضعف، كما سيأتي في السِّير إن شاء الله، وإن حرمت الهزيمة، لم يجز لهم أن يصلوا صلاة الخوف؛ فإنهم متعرّضون في الهزيمة المحرمةِ لسخط الله، والرخص لا تناط بالمعاصي عندنا.
١٥٥٢ - وما نفصله الآن القول في القتال الواجب والمباح.
فالواجب كقتال الكفار، والمباح بمثابة الذبّ عن المال. فظاهرُ المذهب أنه إن مست الحاجة في الذب عن المال إلى ملابسة قتال، فتجوز صلاة الخوف بسببه، ونقل الأئمة والصيدلاني قولاً عن الشافعي:"أنه لا تجوز إقامة صلاة الخوف في الذبّ عن المال"، وموضع النص أن الرجل لو تبعه سيل وعلم أنه لو مرّ مسرعاً بماله وصلى مارّاً مومياً، سلم وسلم مالُه. ولو صلّى متمكناً، أمكنه أن يهرب، ويتلف ماله، قال: لا يصلي صلاة الخوف. وهذا غريب، وظاهر النصوص الجديدة يخالف هذا؛ فاستنبط أئمتنا من هذا النص قولاً في أن الذاب عن ماله إذا علم أنه لا يتأتى له دفع قاصدٍ مالَه إلا بقتله أو بما يؤدي إلى القتل، فليس له أن يدفعه، وهذا بعيدٌ جداً، وقد