للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب زكاة التجارة]

٢٠٩١ - ذهب العلماء المعتبرون إلى إيجاب زكاة التجارة، وقد تقدم في أول الزكاة أن الزكاة تنقسم إلى ما يتعلق بالعين، وإلى ما يتعلق بالقيمة: فأما الأعيان التي تتعلق الزكاة بها، فالنَّعم، والنقدان، والمعشَّرات، كما سبق القول في أصنافها.

وأما ما تتعلق الزكاة فيه بالقيمة، فهو مضمون هذا الباب.

وذهب أصحاب الظاهر (١) إلى نفي زكاة التجارة، وعزي هذا إلى مالك (٢)، وقال الصيدلاني: قد تردد الشافعي في القديم في زكاة التجارة. وهذا لم يحكه عن القديم غيره، فلا التفات إليه.

والأصل الذي اعتمده الشافعي حديث حِماس وهو ما روي أن حِماساً (٣) قال: "مررتُ على عمر بن الخطاب وعلى عُنقي آدمه (٤) أحملها، فقال: ألا تؤدّي زكاتك يا حِماس؟ فقلت: يا أمير المؤمنين مالي غير هذا وأُهُب (٥) في القَرَظ، فقال: ذاك مال، فضَعْ، فوضعتُها بين يديه، فحسبها، فوجدها قد وجبت فيها الزكاة، فأخذ


(١) ر. المحلى: ٥/ ٢٠٩.
(٢) "وعُزي هذا إلى مالك". كذا قال الإمام بصيغة التمريض، ولم نصل إلى هذا فيما بين أيدينا من كتب السادة المالكية. وبمثل قول الإمام قال ابن قدامة في المغني: "وحكي عن مالك وداود أنه لا زكاة في التجارة". (ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١/ ٤٠١، المنتقى: ٢/ ١٢٠، شرح زروق: ١/ ٣٢٥، الكافي لابن عبد البر: ٩٦، القوانين الفقهية: ١٠٣، والمغنى لابن قدامة: ٢/ ٦٢٣).
(٣) حماس: بكسر الحاء المهملة.
(٤) آدمة: جمع أديم (المعجم). وذكره الحافظ في التلخيص بلفظ: أُدُم. وهو الجمع المشهور لأديم.
(٥) الإهاب اسمٌ للجلد قبل أن يدبغ، والقرظ حب معروفٌ، يدبغ به. (المصباح).